النظر بعين واحدة.. سياسة الإعلام الغربي لدعم النازيين الجدد
بين روسيا وأوكرانيا.. سياسة المغيب في الإعلام الغربي

تحاول مواقع غربية بلسانها الأم أو بالموجه إلى المتلقي العربي أن تثير بأسئلتها -التي أعدت إجاباتها سابقاً- الشكوك حول شرعية العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، والتي تحاول من خلالها خلق تحشيد دولي معارض لروسيا ولقيادتها، كما تحاول تسويق كلمة غزو واحتلال أوكرانيا، وإظهار الشعب الروسي البطل بصورة الشعب المغيب عما يجري على أرضة والمغلوب على أمره المقاد من رئيسه إلى الهاوية، والشعب الذي يسعى إعلامه إلى تغييبه عن الحقيقة المرة لما يجري من أحداث في أوكرانيا.

لا يدرك الإعلام الغربي أن الشعب الروسي على مدار السنوات الماضية لم يكن مجرد متابع لأخبار الأوضاع المأساوية التي تعيشها أوكرانيا، منذ وصول هذه العصابة التي تدعم النازيين الجدد إلى الحكم في أوكرانيا، بل هو شعب كان يعيشها بكل فصولها وتفاصيلها اليومية بحكم صلات الدم واللغة والقربى التي تجمعهم مع أبناء وطنهم السابق، فهم يدركون حقيقة ما كانو يتعرضون له من اضطهاد وقمع وحرمان من الوظائف والتعذيب والضرب من قبل نازيي أوكرانيا الجدد، فقط لمجرد كونهم ناطقين باللغة الروسية، للإعلام الغربي نقول: لا تتعبوا أنفسكم بخلق الأكاذيب ومحاولة إقناع من يعيش المأساة بأنه جاهل ولا يعرف ما يجري حوله.

يحاول الإعلام البريطاني الترويج لفكرة أن الشعب الروسي مغيب عن كل ما تمارسه حكومته من أفعال في أوكرانيا، فيروج لفكرة أن القيادة الروسية تمارس تعتيماً ممنهجاً على حقيقة ما يجري في أوكرانيا وعلى "أفعال الغزو والإجرام" التي يقوم بها الجيش الروسي ضد الشعب الآمن في ذلك البلد (على حد قولهم).

في ظل هذا الوضع يدور سؤال على ألسنة المتابعين: أين كان أباطرة الإعلام الغربي في أوروبا عامة وبريطانيا خاصة؟ وأين كانت مهنيتهم وموضوعيتهم من مسألة عرض الحقائق وتصوير المأساة وإيصال أصوات المظلومين طوال تلك السنين؟ أين كانوا من عرض الحقائق عن معاناة الشعب في أوكرانيا عامة ومأساة الناطقين باللغة الروسية خاصة من جرائم القتل والتعذيب الممنهج التي كانت تمارسها الحكومة الأوكرانية الداعمة للنازييين الجدد بشكل علني على امتداد السنوات السابقة؟ لماذا لم يعملوا بأخلاق وموضوعية وحيادية ومهنية؟ لماذا لم تسعَ تلك الوسائل أو تحاول نقل صرخات الشعوب المقهورة عندما كانت الحكومة الأوكرانية تمارس سياستها في التعذيب الممنهج ضد الشعب الأوكراني على مدار سنوات طويلة؟

يذكّر هذا النفاق الإعلامي السوريين بما يذكرونه على مدى أكثر من عقد من الزمن، لقد سقط قناع الإعلام الغربي واتضح زيف ادعائاته منذ سنوات طويلة، وخاصة منذ الأيام الأولى للحرب على سورية، أما بالنسبة للبعض من العرب للأسف ما زال مقتنعاً بموضوعية الإعلام الغربي وحياده اتجاه القضايا (رغم أن موقف الإعلام الغربي من القضية الفلسطينية، كاف لكي يكشف زيف ادعائته) يبدو أن البعض لا يقتنع بأن لهيب النار يحرق حتى يجرب بنفسه رغم أن العاقل هو من يتعلم من دروس الآخرين.

منذ مدة ليست بقصيرة وتلك المواقع تحاول العمل بشكل ممنهج منذ العام 2019 على تضليل القارئ عبر عرض ما تسميه حقائق مطلقة وتقديم تغطية موضوعية للأحداث التي تجري هناك، حقائق أقل ما يمكن أن نصفها نحن السوريين الذين خبرناها على سنوات طويلة بأنها أكاذيب وتضليل ممنهج واستخدام قذر للقوة الناعمة، كانت تهدف على مدى سنوات طويلة بشكل أساسي إلى شيطنة أفعال القيادة السورية وشيطنة الجيش العربي السوري والموالين للدولة السورية، وإظهارهم بمظهر المجرمين والقتلة، وإظهار الإرهاببين من داعش والنصرة والإخوان بمظهر المعتدلين الساعين إلى حماية الشعب.

في أوكرانيا كان النفاق معكوساً إذ إن الممارسات اللاأخلاقية للسلطات الأوكرانية في إقليم دونباس والتي تنحدر بقبحها إلى مستوى الممارسات النازية طمست، ولم ير الإعلام الغربي منها شيئاً، فأين عمليات التنكيل المستمر التي وصلت إلى حد القتل للناطقين باللغة الروسية؟ وأين الاستهداف الممنهج للمدن والبلدات التابعة لجمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين الذي أدى إلى وقوع العديد من الضحايا بين الأهالي الآمنين؟

مثال ذلك أن العديد من القتلى والجرحى الأبرياء سقطوا والكثير من الأطفال أيضاً والذين بلغ عددهم بين عامي 2014 و 2021 أكثر من 150 طفلاً، والاستهداف المباشر كان موجها للأهالي الآمنين لمجرد أنهم ينطقون باللغة الروسية وخير مثال على ذلك المحرقة بحق الناطقين باللغة الروسية في مبنى النقابات بمدينة أوديسا بتاريخ 2/5/2014 حتى أن الحكومة الأوكرانية رفضت إجراء تحقيق في تلك الجريمة الفظيعة، وكان الأمر على أشده ضد الناطقين بالروسية حيث تم تسريبهم ومنعهم من التوظيف وتعرضوا للتعذيب والضرب المستمر من قبل الجيش الأوكراني.


تلك الممارسات المجرمة اكتسبت الصفة الشرعية من الحكومة الأوكرانية، وأباحت كل الممارسات اللاأخلاقية ضد المواطنين الآمنين في لوغانسك ودونيتسك ووصل الأمر بها أن وصفتهم بـ"الحثالة"، ليس غريباً هذا الأمر على حكومة نجد فيها المنظمات التي تتبنى الممارسات الفاشية وتعمل بشكل رسمي ومدعوم من الحكومة الأوكرانية التي عملت على مر سنوات طويلة على دعم الأفكار النازية العنصرية ضد السكان الآمنين.

معلومات خطيرة حاول الإعلام الغربي إخفاءها عن مواطنيه

كانت أوكرانيا تستعد بشكل فعلي لتنفيذ هجوم عسكري ضد روسيا، بما في ذلك تنفيذ الهجوم بالأسلحة النووية وهذا القرار لم يكن مجرد قرار أوكراني ذاتي بل كان قراراً بدعم أوروبي وتمويل من الولايات المتحدة الأمريكية لدعم الفاشية والعمل الممنهج على غرس الكراهية ضد الروس اعتباراً من كانون الثاني عام 2019؛ حيث نشروا العديد من مراكز العمليات المعلوماتية النفسية (CIPSO) فالغرب اتبع سياسة خلق الكراهية في نفوس الشعب الأوكراني ضد روسيا عامة وضد الناطقين باللغة الروسية خاصة، حتى أن الدعم الغربي لم يعد خافياً على أحد فالسياسيون الأجانب والجيش يتصلون بشكل علني بالنازيين الأوكرانيين ويقدمون لهم الدعم بالسلاح والتدريب ويقدمون الدعم المالي للمنظمات غير الحكومية لتنشر الكراهية تجاه الروس.


إصابات دقيقة وحاسمة
بعكس الاستهداف العشوائي وتدمير البنى التحتية الذي يُروج له؛ فالعملية الروسية الخاصة في أوكرانيا لا يمكن أن توصف إلا بكونها بالعملية الدقيقة التي يجريها جراح ماهر وتستهدف بشكل أساسي مواقع إطلاق النار والمواقع التي تستهدف المدنيين، فالقوات الروسية في يومها العاشر من عمليتها العسكرية تتقدم بشكل سلمي على عكس القوات الأوكرانية، حيث لم يتم تسجيل أي تقارير تفيد بانتهاكات للقوات الروسية في المناطق التي حققوا تقدماً فيها، وهناك عمليات استسلام واسعة للقوات الأوكرانية كونهم لا يتبنون الطموحات النازية لقيادتهم، ولا يوجد أي توافق في المجتمع الأوكراني بأن روسيا الاتحادية هي من سببت الوضع الحالي.   


الدكتور: منذر علي أحمد
2022-03-06