الصاروخ "الطائش" وحسابات المستوطنين

بقلم: أحمد ضوا

يتفاعل سقوط الصاروخ السوري "الطائش" كما وصفه جيش الاحتلال الإسرائيلي داخل الكيان المغتصب للأرض العربية والفلسطينية ليأخذ أبعاداً متعددة أهمها فشل المنظومات الإسرائيلية لاعتراض الصواريخ رغم تعددها وشموليتها، فبين ليلة وضحاها تصدعت ثقة الإسرائيليين بقبتهم الحديدية وامتد ذلك ليشمل باقي القطاعات العسكرية الأخرى مع وقوع انفجار كبير في مصنع لصناعة الصواريخ تكتم جيش الاحتلال الإسرائيلي عليه، الأمر الذي أثار الشكوك في أسبابه وذهبت التحليلات إلى حد القول إنه عمل مدبر ضد هذا الكيان في إطار الصراع الدائر في المنطقة.

 

إن الضجة التي أثارها الصاروخ في الأوساط العسكرية والسياسية والإعلامية الإسرائيلية لم تتوقف عند فشل اعتراضه رغم المسافة الطويلة التي قطعها بل في وصوله إلى منطقة مفاعل ديمونة النووي المحمية أكثر من أي منطقة أخرى بالقبة الحديدية.

 

يتناول إعلام العدو هذه الحادثة على نحو واسع مركزاً على التقليل من شأن وأهمية الفشل في اعتراض الصاروخ وتأثيره على القدرات العسكرية للاحتلال وإيراده في دائرة الأخطاء التي لا يمكن تلافيها في مثل هذه الحالات وعينه على المستوطنين الذين يأكلهم الخوف والرعب لتنامي قناعاتهم بعدم قدرة كيانهم على حمايتهم في أي حرب قادمة.

 

لا شك أنه من حق المستوطنين أن يقلقوا وأن يرافقهم الرعب والخوف في كل أعمالهم وأنشطتهم وأن لا يثقوا بتطمينات سلطاتهم التي خذلتهم تصريحاتها عن قوة هذا الكيان وامكانياته العسكرية فالصاروخ حالة جزئية صغيرة من قدرات دول وقوى المقاومة.. فما يجب أن يعرفه الإسرائيليون أن حكوماتهم المتعاقبة تمارس التضليل والكذب عليهم في تنامي قدراتها العسكرية وتفوقها على كل الدول في المنطقة فهذا صحيح في جانب جزئي ولكنه وهم كبير إذا ما أخذنا العوامل الأخرى في الصراع والأمور الجوهرية لحسم أي معركة حيث يشهد سجل هذا الاحتلال مفاصل سوداء بالنسبة له بدءا من حرب تشرين 1973 و عدوانه على لبنان 2006 وعلى قطاع غزة في 2008 و مساندته المباشرة وغير المباشرة للتنظيمات الإرهابية في الحرب الإرهابية على سورية منذ 2011 وإلى اليوم.

 

وكذلك الأمر ما يجب أن يدركه المستوطنون أن عمليات قيادتهم العسكرية الأمنية في المنطقة العلنية والسرية منها لم ولن تضمن لهم الأمن والاستقرار في واقع يشهد تشابكاً معقداً في المصالح والأولويات والامكانيات والأهم من ذلك الإرادات.

 

وفي ذات السياق على الإسرائيليين أن يعوا حقيقة الثغرات التي لا يمكن سدها في عامل "التفوق والقوة العسكرية" الذي تجتره حكوماتهم خلال العقود الماضية والتي من أهمها أن الأرض التي يحتلونها لها أصحاب ولن يتوقفوا عن محاولاتهم لاستعادتها مهما طال الزمن إضافة إلى أن امتلاك الترسانة العسكرية ليس عاملاً كافياً للتخلص من الخوف والرعب والقلق من المستقبل.

 

إن افرازات المعركة ضد الإرهاب والتقلبات السياسية في المنطقة والعالم وضعت كيان الاحتلال الإسرائيلي أمام معضلة حقيقية لأن خططه ليكون القوة المؤثرة والضاربة في المنطقة على كل الصعد فشلت والمرحلة الجديدة والقوى الفاعلة فيها لن تقف مكتوفة الأيدي إزاء أعماله العدوانية في المنطقة والمعركة باتت مفتوحة في ظل تعدد جبهات المواجهة المباشرة وغير المرئية.

 

 

2021-04-24