قدرة الدولة


 بقلم :علي نصر الله

 

تَستمر جَوقة الكذابين بحملة النفاق، وتُواصل مَنظومة العدوان هجمتها الشرسة، وإذا كان بهذا التوقيت يتم طرح "قيصر" كأحد سهام الغدر أو كآخر أدوات الاستهداف للنيل من صمود سورية، ولاستهداف لقمة العيش وحبة الدواء فيها، فإنه المُتحول البائس الذي سيَسقط ليُضاف إلى جُملة مُتحولات العدوان التي سقطت بمُقابل ثابت سورية، بل ثوابتها في الصمود والتصدي، بالثبات على المبدأ، في التمسك بالسيادة، وبعدم التخلي عن المقاومة سبيلاً للتحرير وطرد الغُزاة والمُحتلين.

 

غَنيٌّ عن القول أن "قيصر" لا يُمثل إلا كذبةً أخرى، أو حلقةٌ في سلسلة الأكاذيب المُمتدة التي طالعها العالم وتَعرف على مُعظمها في مجلس الأمن وجلسات بروكسل وجنيف، أثناء سقوطها وفي خضم المعارك السياسية الدبلوماسية التي جرت على هذه المنصات الدولية منذ 2011، وقد صار "قيصر" غَنياً عن التَّعريف، إذ لم يَعد يَخفى أنه من بعد العجز والإفلاس في الميدان، بات الهدف الذي تُلاحقه واشنطن من خلال العقوبات أحادية الجانب، ضرب قُدرة الدولة السورية وتَقويض استقرارها.

 

ربما هو آخر الأسلحة المُستخدمة، وربما هو آخر ما في الجُعبة الصهيوأميركية المُمزقة، وحتى لو ابتدعت منظومة العدوان أكاذيب جديدة تكون باعتقادها صالحة للاستثمار، فإنّ ما لم تتعلمه حتى الآن، بل ما زالت تَجهله واشنطن وجوقتها، هو أنّ الجُعبة السورية مَلأى بعناصر القوة الذاتية التي من شأنها أن تُحطم نَفسية واضعي مُخططات الحرب، وليس فقط الأدوات المُستخدمة فيها.

 

إذا كان تمّ التَّعويل على التَّهويل المُرافق للإعلان عن "قيصر" بإحداث عَظيم الأثر حتى قبل أن يُطبق، فإننا نُوجه الدعوة لمن راهنَ وعَوَّل لأن يَقيس الأثر الذي انتظره، ولن يَعثر عليه!.

 

وإذا كان ذلك التّهويل قد صُنّف في إطار الحرب النفسية المُؤثرة ضد السوريين، وضد حلفاء سورية، فإنّ الدعوة ذاتها نُوجهها لهؤلاء، لا لقياس الأثر في نفوس السوريين والحُلفاء، بل في نفوسهم هم من بعد مُراقبتهم قيام الدولة السورية بخطوات تُحول العقوبات فُرصة للنهوض والاكتفاء بالاعتماد على الذات، ومن بعد مُراقبتهم لسورية والحلفاء والأصدقاء وهم يُعمقون علاقات التعاون والشراكة.

لا نُبالغ، ولا نَدعي ما ليس واقعياً، بل نُحاول مُساعدة الآخرين على مُلامسة الواقع، إذ يَكفي أن تَسأل أطراف العدوان: أين كانت وأين أمست من بعد كل التَّحشيد الذي قامت به، ومن بعد كل ما أَنفقته على حُثالات العالم؟ أو أن تَبحث أطرافُ العدوان، مُجتمعة أو مُنفردة، بنتائج أوهامها التي قادتها لارتكاب حماقات غير مَسبوقة، هل جَعلتها تتقدم خطوة نحو تَحقيق أطماعها والغايات من فائض الغطرسة؟ أم وَضعتها أمام تَحديات هي في أقل تَقدير لا تبدو جاهزة لها، وقد صار حَتمياً مُواجهتها مع استحالة إمكانية التملص منها؟

 

كل العناوين التي تُوظفها الولايات المتحدة ضد الصين وروسيا وكوبا وإيران وكوريا وفنزويلا وسورية، هي عناوين كاذبة ستَزيد فُرص تَعرية سياساتها، بل ستُضاعف احتمالات سقوطها من بعد تَآكل المكانة التي كانت تتوهم تَعزيزها بأساليب البَلطجة. ذلك يَجري فعلياً ويَتسارع بهذه الأثناء، بينما العُنصرية المُتجددة في نظامها مُرشحة لتكون أحد عوامل التفكك، فجريمة مينيا بوليس لم تَخمد نارها، مُلتبس من يَعتقد أنها انطفأت.. واهمٌ من يَعتقد أنّ الصين لن تُحجم واشنطن.. مُخطئ من يُقدر موقف روسيا خلاف المُعلن.. ومُنفصل عن الواقع من يُلاحق هدف إضعاف قدرة الدولة السورية أو إخضاعها أو العبث بعلاقتها الإستراتيجية مع إيران والمُقاومة.

2020-06-29