التقارب الروسي الأفريقي يثير حفيظة الأمريكي

نجحت روسيا في تحويل مدينة سوتشي البحرية إلى مقر للمؤتمرات التي توصف بأنها مؤتمرات العيار الثقيل، وكان أحد هذه المؤتمرات هو المؤتمر الذي عقد بين بوتين وزعماء القارة السمراء بتاريخ 23 تشرين الأول 2019  حيث تمكنت روسيا بقيادة الرئيس بوتين من جمع قادة افريقيا على طاولةٍ واحدةٍ في مدينة سوتشي البحرية، ، وطبعاً غلب الطابع الاقتصادي على أعمال مؤتمر سوتشي الافريقي.

لا يمكن أن ننكر بأن علاقة روسيا مع أوروبا جيدة نسبياً، وخاصة الاقتصادية منها، وحجم التبادل التجاري وصل إلى اكثر من 300 مليار دولار، حتى مع أمريكا، ورغم الحرب الباردة، وصل إلى أكثر من 22 مليار دولار، وبزيادةٍ بلغت 9.4% منذ عام 2018.

ولكن  روسيا اليوم غير روسيا 1991 وبساطها ودائرتها السياسية، والاقتصادية أصبحت تطوق العالم وأقطابه وطموحاتها بدأت تتسع والرؤية بضرورة وجود موطئ قدم لها في أفريقيا أصبح ضرورة ملحة وبدأ يتحول إلى حقيقة واقعة، رغم وجود الصعوبات الناتجة عن تبعات الحرب الباردة التي تصر أمريكا باسم الغرب، وحلف الناتو العسكري على قيادتها بوجه روسيا.

وحتى لا نذهب بعيداً فإن المجيئ الغير المسبوق لعشرات القادة الأفارقة إلى روسيا للمشاركة في المنتدى الدولي، الذي هو أول منتدى روسي إفريقي على هذه السوية في التاريخ، يناقش بشكل أساسي الجوانب الاقتصادية للتعاون، يعتبر بحد ذاته نجاحاً واختراقاً لاحتكار بعض الدول لثروات القارة السمراء.

وحسب يوري اوشاكوف مساعد الرئيس الروسي بوتين، وكبير مستشاريه في قصر الكرملين الرئاسي، فإن عدد المشاركين الأفارقة وصل إلى 43 بلداً يمثلها قادتها، و 11 بلدا غيرها مثلها نواب رؤساء، ووزراء خارجية، وسفراء، وهو الأمر الذي شكل بالمجمل حضور 54 دولة افريقية، ولقد أوضح الرئيس بوتين بأن حجم التبادل التجاري الروسي الافريقي وصل إلى 20 مليار دولار، وهو رقم مرشح ليصل غلى 40 مليار دولار، أي إلى الضعف، وتصدرت مصر العربية دول افريقيا بنسبة تجارية مقدارها 40%.

ولا شك بأن هذه الخطوة قد أثارت حفيظة الولايات المتحدة وأشار جو بيني في موقع كوارتز الأمريكي إلى أنّ المساعي الروسية لتعزيز نفوذها ومكانتها في القارة الإفريقية تثير المخاوف لدى الولايات المتحدة وفرنسا، لافتاً إلى أنّ روسيا وقّعت منذ العام 2015 اتفاقات عسكرية مع 21 دولة أفريقية، وخلال العقد الماضي نمت تجارتها مع القارة الإفريقية إلى 20.4 مليار دولار في عام 2018، علماً أنّها كانت فقط 5.7 مليار دولار في عام 2009.

وأضاف الكاتب أنّه بعد ضم روسيا لشبه جزيرة القرم وفرض الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات عليها نتيجة لذلك، أصبحت موسكو مجبرة على إيجاد شركاء دبلوماسيين جدد وأسواق أسلحة وبضائع جديدة، فاتجهت إلى القارة الإفريقية بقوّة. لقد عملت روسيا على تسريع حملتها الدبلوماسية والعسكرية والاقتصادية في إفريقيا بالاعتماد على روابطها السوفيتية السابقة، حيث قامت في ذلك الوقت بتسليح الحركات المناهضة للفصل العنصري "الأبارتايد" والحركات المناهضة للاستعمار في الكثير من الدول الإفريقية، وخاصةً أنغولا وموزمبيق والجزائر.

وأشار الكاتب إلى أنّ الأنشطة الروسية في القارة تُظهر أنّ أهداف موسكو واستراتيجياتها وخططها الاقتصادية لإفريقيا تشمل صفقات بيع الأسلحة وصفقات النفط والغاز والتعدين والطاقة النووية المربحة في جميع أنحاء القارة.

2019-10-30