النكتة السرية.. وصعود ترامب إلى هلسنكي على درج هزائمه في سورية


بقلم: عزة شتيوي    

ليست كل الطرق تؤدي الى هلسنكي.. فدونالد ترامب يعرف أن الطريق الى هناك لن يكون مفتوحاً على خياراته، وأن كرسي الجلوس الى الرئيس فلاديمير بوتين لم يصمم ليلائم الديكور السياسي للبيت الأبيض، خاصة ان هذه القمة تطفو وتعقد على المساحة الأعقد من الأحداث بالنسبة لواشنطن،

وقد تكون الأخطر من رؤية إسرائيل التي تحدّق في الجنوب السوري بعيون من نار، وتدرك بأن ترامب لن يستطيع ان يخفض درجة توترها حتى لو قبّل وجنتي بوتين طالباً يد روسيا دبلوماسياً ليأخذها بعيداً عن إيران سياسياً..‏

فالقمة التي يصعد اليها دونالد ترامب على سلم الهزائم في سورية لن تحرز له تقدماً يذكر في هذا المنبر، وربما تكون عتبة درعا التي اجتازها الجيش السوري إلى القنيطرة وقطعت أنفاس إسرائيل هي الدليل على أن الشيطان الأميركي يستقيل جزئياً من تفاصيل المشهد في سورية، على أن يدخل هلسنكي رسميا من بوابة السياسة الأميركية الجديدة بالعدوان المباشر على ايران.. وعلى ترامب أن يأخذ الضمان من بوتين بأن مافعله من أجل سورية في المحافل الدولية والميدان لن يتكرر في ايران.. فما كان لأميركا أن تبدأ في تهديدها لطهران لو أنها تمكنت من إسقاط الدولة السورية.. هذا في الصورة المباشرة للقمة.. أما ما وراء الأكمة .. هي جيوب ترامب..‏

جيوب دونالد ترامب في هلسنكي لن تكون فارغة، فهذه القمة مسبقة الدفع من السعودية، الذي قال عنها تلميذ كولن باول صاحب الزجاجة الحارقة للعراق، بأنها القبيلة التي تموّل خريطة الشرق الاوسط الجديد، وعلى سلمان وابنه ان يسبحا في عسل الأحلام، بينما يفرغ ترامب (خرج) الرياض لينهي جمع التعويض المالي لأميركا عن قيادتها الأحادية للعالم، وقد نشهد المراسم الرسمية لتشييع قطبيتها بين سطور البيان الختامي لهلسنكي… والا…‏

لماذا يقول البنتاغون فجأة إن دعمه للحرب على اليمن يقوي تنظيم القاعدة، وبهذه الشفافية يتخلى عن جيوش المرتزقة الخليجية كما تخلى سابقاً عنها في سورية، وتحديداً في الغوطة ودرعا وربما يتركها لحروبها الدموية في إدلب..ثم يقول إنه أقرب للانسحاب من سورية شرط خروج إيران، والكل يعلم ان شروطه وخطوطه قابلة للذوبان في أي لحظة ومكان..‏

ليست أحجية أميركية تحتاج الى الكثير من المحاكمة العقلية، فترامب يحلب الخليج حتى في هلسنكي، وفي طريقه للخروج من سورية، وقد يجبر محمد بن سلمان الى استخراج النفط حتى من حذائه مقابل حرب التهويل بتبديل الحكم في إيران، وتنويمه مغناطيسياً بعودة الشاه كما نام أردوغان سابقاً على زند أوباما وحلم برداء السلطان، وكما استلقى البارزاني على بساط السندباد وحلق فوق الاقليم الكردستاني.. هذا ما في جعبة ترامب، وأجندته في قمة هلسنكي نكتة القرن السرية، فالكلّ يشتري حكايا العودة الى ماقبل محور المقاومة في المنطقة مقابل آلة الزمن التي يصنعها ترامب في غرف الدعاية الأميركية.. فلا أجندة للرئيس الاميركي سوى هذه النكته التي سيقولها لبوتين في قمة الضحك على اللحى الخليجية…‏

 

2018-07-16