ما بعد حلب ...

وزارة الإعلام 

 

أحمد حسن

لا يمكن قراءة، وفهم، كمّ الفانتازيا السياسية التي تضمّنها التصريح الأخير لوزير خارجية الدوحة -حول الاستمرار في تسليح ما أسماه بـ “المعارضة المسلحة”- بعيداً عن النتائج الحالية، والقادمة، لمعركة حلب، والتي يمكن اختصارها بسقوط كل الرهانات الخارجية على إسقاط المدينة، برمزيتها السياسية والاقتصادية والجغرافية الهائلة.
فنتائج المعركة التي أصبحت محسومة هناك، عاجلاً وليس آجلاً، لمصلحة الدولة السورية، يمكن اعتبارها، مع الفارق العسكري والجغرافي، مشابهة لنتائج معركة “العلمين” الشهيرة التي كانت نقطة تحوّل بارزة ساهمت في حسم المسار النهائي للحرب العالمية الثانية، وجعلته مساراً باتجاه وحيدٍ لا ثاني له، وهو ما يحدث الآن، ما يعني، موضوعياً، أن مرحلة ما بعد حلب قد بدأت منذ هذه اللحظة، وهذه المرحلة تحديداً هي ما يحاول وزير خارجية قطر، ومن معه، الاستعداد لها ومواجهة تبعاتها عبر إعلانه بالصوت والصورة أن “بلاده ستواصل تسليح المعارضة السورية حتى إذا أنهى الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب الدعم الأمريكي لها”.
والحال أنه لا يمكن، من جهة أخرى، فهم هذا التصريح وإمكانية صدوره من وزير خارجية دويلة، كالوزير المعني ودولته..!!، بعيداً عن سياق هذه المرحلة من السيولة السياسية التي تمرّ بها المنطقة والعالم بأسره، ليس بانتظار رئيس أمريكي جديد، كما جرت العادة، بل بانتظار تبلور ملامح نظام عالمي جديد، وهي مرحلة سمحت لهذا الرجل، وغيره، محمولاً على مليارات بلاده الغازية، بالاعتقاد أنه يتحدّث باسم “دولة عظمى” يمكن لها أن تقرّر في شأن إقليمي ودولي معقّد مثل شأن الحرب على سورية، فيما لا يملك هو وأميره موضوع حكم بلاده، و”من ينقلب على من” في العائلة التي أجلستها بريطانيا على كرسي حكم منطقة محددة في سياق خطتها لتقسيم شبه جزيرة العرب بين إمارات ومشيخات تسهيلاً لـ “السيطرة المستدامة”، وهو ما تحقق حتى اللحظة لواشنطن، التي ورثت الأملاك البريطانية في المنطقة والعالم.
إذاً، وبالمجمل، لا يبدو هذا التصريح -من الجهتين الممكن النظر إليه بهما- سوى عملية استباقية لنتائج معركة حلب التي حسمت، وهو، أي التصريح، يشبه في وظيفته المأمولة هذه، تلك المناوشات الجنونية الأردوغانية في مدينة “الباب” تحديداً، كما أنه يشبه محاولات اللحظة الأخيرة التي يقوم بها “جون كيري” من خلف الستار لإنقاذ مسلحي حلب، محاولاً، كما تقول صحف أمريكية، استباق سياسة جديدة قد يقرها الرئيس المنتخب دونالد ترامب بعد استلامه مفاتيح البيت الأبيض رسمياً من إدارة أوباما الحالية.
لكن وبعيداً عن كل ما سبق، يبدو القرار السوري هو سيّد الموقف، فـ “العمليّة مستمرّة حتى تطهير كامل أحياء حلب وإعادة المدينة بأكملها إلى حضن الدولة السورية”، وأكثر من ذلك، العمليات مستمرة، وستستمر على كل بقعة تراب دنّسها الإرهاب مهما كلّف الأمر، فما بعد حلب، رغم المصاعب التي لا ينكرها إلا كل مكابر، قد أصبح واضح الملامح، ولا ينكره إلا كل مكابر أيضاً.
أحمد حسن

2016-11-29