باختصار: مصر وسورية دائماً

وزارة الإعلام 

 

زهير ماجد

لا تعتبر زيارة رئيس مكتب الأمن الوطني السوري على المملوك إلى القاهرة مجرد زيارة أمنية بقدر ماتحمل ابعادا ومفاهيم قومية .. فما تزال وستبقى قصة العلاقة المصرية السورية وساما على صدر تاريخ الطرفين بما لها من وشائج قربى وحلم جميل وتأسيس لبعد استراتيجي سيظل مؤرخا له بشكل مستمر.
لم تكن زيارة المسؤول السوري للمرة الأولى، بل يقال إنها الثالثة، بل ليست ايضا سوى محطة في العلاقة المتجذرة التي لم تتوقف حتى في أحلك ظروف سوريا منذ ان بدأت الحرب الكبرى عليها. فكيف لايحدث ذلك، وكل التاريخ العربي الناصع مختبيء في الطرفين، وتقوده واقعية حدثت ذات تاريخ من العام 1958 حين هدرت بقوة حضورها الوحدة بين البلدين، وهي وحدة لم تكن ابدا ابنة ساعتها او قفزة عاطفية لمرحلة، وانما تجسيد لما هو اكبر من حلم ، لم يستطع الانفصال البغيض لاحقا ان ينتزعه.
كانت سوريا على دراية بأن مصر إلى جانبها في محنتها الصعبة والمعقدة، وكانت مصر بالفعل تؤازر دمشق وتحاول أن تكون طرفا مباشرا في درء المزيد من الاخطار عنها، وهو ماحدا بالرئيس السيسي ان يقول دائما بان ” الحرب التي تخوضها سوريا ضد الارهاب هي حرب مصر”، بل يتطلع المصريون إلى الجيش العربي السوري بروحية عاطفية وواقعية على انه جيشهم، وكيف لا وهو الجيش المصري الاول الذي يراد فرطه تحقيقا لمعادلة غربية صهيونية كان سعيها الدائم ان لايبقى للأمة جيش يتمكن من الدفاع عن وطنه او ارض العرب.
ومثلما عاشت مصر في قلب سوريا والسوريين، هكذا تتأبد سوريا التي يصر الرئيس المصري السيسي دائما على وحدتها ووحدة شعبها ووحدة جيشها ومؤسساتها، بل ان القاهرة على ماقيل تريد عودة ميمونة لسوريا الى جامعة الدول العربية التي ترى سوريا انه لابد من تعديل ميثاقها كي تنسجم مع الروح الحقيقية لها.
نعرف ان مصر تتألم لحال سوريا لما لها من روابط متينة معها، ولما يتشكل من البلدين اوثق امن قومي عربي لايمكن قيامه بدونهما، وقد كان معروفا انه ان تعب العرب فان احد البلدين متعبا وهكذا .. ولانهما كذلك فلا قيامة للمنطقة العربية وللعالم العربي الا اذا تمتعا بالتكامل المستمر الكفيل بتحقيق الغايات المرجوة.
وبقدر مايسر مصر ويفرحها ان تتحرر الموصل وكل العراق من الارهاب، فهي ايضا حريصة على ان تصل سوريا إلى الافق ذاته، وان يكون بمقدورها التخلص من هذا الجحيم الجاثم على اراضيها، فهي لن تقبل باقل من طي هذا الملف نهائيا، وان تخرج سوريا معافاة غير منقوصة في وحدتها وسلامة اراضيها وشعبها وجيشها ومؤسساتها، وتلك اكثر من رغبة، بل هي ارادة دافعة تتمنى القاهرة لو انها تشارك في هذا المصير السوري، ولربما قد تفعله في اية فرصة ممكنة.
زيارة علي المملوك الى مصر قد تزعج البعض الذي لايريد لسوريا ومصر ان يكونا على وفاق، او مد يد القاهرة لعون دمشق .. لكن الزيارة ايضا بكل اهدافها المتعددة تحتاجها القاهرة في هذه الظروف التي تخوض فيها معاركها ضد الارهاب في سيناء وغيره.

2016-10-19