السفير آلا: سورية تدعم النهج متعدد الأطراف لمساعدة الدول النامية بعيداً عن التسييس
أكد السفير حسام الدين آلا رئيس وفد سورية إلى مؤتمر الأمم المتحدة الخامس المعني بأقل البلدان نمواً دعم سورية الثابت للنهج متعدد الأطراف الهادف إلى مساعدة الدول النامية، وخاصة الأقل نموا في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، بعيداً عن التسييس مع احترام خصوصيات الدول وقيمها الوطنية والثقافية والتاريخية، معرباً عن تقدير سورية للدعوات الدولية لرفع الإجراءات القسرية الأحادية المفروضة عليها التي تعيق الاستجابة الإنسانية وإيصال المساعدات الإغاثية لمتضرري الزلزال.

وقال السفير آلا في كلمة اليوم أمام المؤتمر المنعقد في الدوحة: تثمن سورية الجهود المبذولة لعقد المؤتمر، وتتطلع لخروجه بنتائج ترقى إلى مستوى توقعات شعوب الدول الأقل نموا وتعزيز التزام المجتمع الدولي بتنفيذ برامج العمل المتفق عليها في ظل الأزمات المتلاحقة والمترابطة التي تعصف بعالمنا، مشيراً إلى أنه بموازاة التقدم المحدود المحرز في تنفيذ برامج العمل الخاصة بالدول الأقل نموا أظهرت أزمة كوفيد 19 ضعفاً هيكليا في الاستجابة للجوائح عرقل توفير اللقاحات وإيصالها في الوقت المطلوب إلى ثلاثة مليارات إنسان يعيش معظمهم في الدول الأقل نموا، وبعد مرور ثلاثة أعوام على الجائحة ما زالت الدول النامية عموما والأقل نموا على وجه التحديد هي المتضرر الأكبر من التبعات الاقتصادية والاجتماعية للجائحة.

وأوضح السفير آلا أن التضخم والركود الاقتصادي وضعف الاستثمارات وأزمات الأمن الغذائي وارتفاع أسعار الطاقة والتحديات المناخية تهدد بخسارة التقدم المحرز في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، ويزيد الوضع سوءا انعدام العدالة في النظام الاقتصادي العالمي الحالي الذي كان السبب المباشر لتفاقم أزمات الديون في الدول الأقل نموا حيث يعيش أكثر من نصف الأشخاص الذين يعانون من الفقر، ولهذا تؤيد سورية الدعوات لإصلاح النظام المالي العالمي وجعله أكثر استجابة لاحتياجات البلدان النامية وأولوياتها وأكثر دعما لجهود البلدان الأقل نموا في سعيها لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وفي مقدمتها هدف القضاء على الفقر.

ولفت السفير آلا إلى أن البلدان الأقل نموا التي لا تتجاوز حصتها من الانبعاثات الضارة بالمناخ 1.1 بالمئة من إجمالي حجم الانبعاثات العالمية تعاني أسوأ آثار التغير المناخي، وأن الكوارث الطبيعية التي شهدتها دول العالم مؤخرا من فيضانات وأعاصير وزلازل نبهت العالم إلى أهمية تأمين الدعم للبلدان النامية وللدول الأقل نموا وللدول الجزرية الصغيرة لتعزيز صمودها أمام الكوارث الطبيعية وآثارها على السكان.

وشدد السفير آلا على أهمية تنفيذ البلدان المتقدمة تعهداتها في مؤتمر باريس لمساعدة هذه الدول في التكيف مع ظاهرة التغير المناخي وما ينتج عنها من كوارث طبيعية، داعيا إلى دعم صندوق الخسائر والأضرار الذي أعلن عن إنشائه خلال مؤتمر الدول الأطراف في الاتفاقية الإطارية للمناخ الذي عقد في شرم الشيخ بمصر العام الماضي وتفعيل عمله في المؤتمر القادم الذي تستضيفه الإمارات خلال هذا العام.

وبين السفير آلا أن الزلزال الذي ضرب سورية في السادس من شباط الماضي أوقع آلاف الضحايا والمصابين، وتسبب بتصدع وانهيار آلاف المنازل والممتلكات العامة والخاصة، وألحق أضرارا بالغة بالبنية التحتية والمرافق الخدمية، ووظفت سورية لمواجهة هذا الواقع المأساوي وضخامة المعاناة الإنسانية الناجمة عن الزلزال أجهزتها ومؤسساتها لأعمال الإنقاذ ورفع الأنقاض وتوفير الرعاية والمأوى للمتضررين، وعملت على تسهيل إيصال الدعم والمساعدات الإغاثية إلى جميع المناطق المنكوبة بمختلف الوسائل بما في ذلك من خلال معبرين إضافيين عبر الحدود قررت فتحهما بقرار سيادي لتسهيل الاستجابة الإنسانية لتداعيات الزلزال في مناطق متضررة شمال غرب البلاد تسيطر عليها تنظيمات إرهابية تعرقل بدعم من مشغليها الوصول الإنساني من داخل سورية، مشيرا إلى أن أولوية الدولة السورية تتركز حاليا على تنفيذ برامج للانتقال إلى مرحلة التعافي والتعامل مع تداعيات وآثار الزلزال لأبعد مدى.

وأعرب السفير آلا عن تقدير سورية للتضامن والدعم الفوري الذي تلقته من الدول والمنظمات الدولية وخاصة من البلدان الأقل نموا التي ترجمت شعارات التضامن الدولي إلى عمل إنساني حقيقي، حيث لن ينسى الشعب السوري لهذه الدول تعاطفها وتضامنها مع محنته في وقت امتنعت فيه دول أخرى لاعتبارات سياسية عن تقديم الدعم لإنقاذ أرواح العالقين تحت الركام، كما أعرب عن تقدير سورية للدعوات الدولية لرفع الإجراءات القسرية الأحادية المفروضة عليها وترحيبها بدعوة مجموعة من المقررين والخبراء المستقلين التابعين لمجلس حقوق الإنسان إلى رفع القيود المالية والاقتصادية التي تعيق الاستجابة الإنسانية وإيصال المساعدات الإغاثية لمتضرري الزلزال.

وجدد السفير آلا دعم سورية الثابت للنهج متعدد الأطراف الهادف إلى مساعدة الدول النامية وخاصة الأقل نموا في تحقيق أهداف التنمية المستدامة بعيدا عن التسييس مع الأخذ بالاعتبار خصوصيات الدول واحترام قيمها الوطنية والثقافية والتاريخية، بما يضمن عدم تخلف أحد عن الركب وفق ما تم التوافق عليه في أجندة 2030، لافتا إلى أن إظهار الالتزام السياسي رفيع المستوى الذي شهده مؤتمر الأمم المتحدة الخامس لأقل البلدان نموا هو خطوة مهمة باتجاه مساعدة هذه الدول على التصدي للتحديات الإنمائية التي تواجهها.

وأكد السفير آلا أن تحقيق أهداف برنامج العمل الذي تم اعتماده في الجزء الأول من المؤتمر سيعتمد بشكل كبير على الالتزام الحقيقي بتنفيذ الشراكات والحلول المبتكرة التي يتوخاها من قبل جميع الأطراف المعنية وعلى الدعم النشيط من المجتمع الدولي، بما في ذلك من خلال تسهيل نقل التكنولوجيا وتعزيز الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتنفيذ البلدان المتقدمة تعهداتها بتوفير المساعدة الإنمائية الرسمية لمساعدة الدول الأقل نموا على توسيع فرصها الإنمائية وخروجها من التصنيف ضمن هذه الفئة عبر بناء اقتصادات أكثر نموا وازدهارا.
2023-03-07