بالرغم من التحولات المناخية الكثيرة التي طرأت على أجواء البلاد، إلا أننا لانزال نقع تحت تأثير مسميات أجدادنا فنحن لانزال ضمن فترة "مربعانية" الشتاء، والتي كانت ولا تزال تعتبر موعداً فعلياً لبدء وانتهاء فصل الشتاء، حيث تبدأ في ٢٢ كانون الأول وتنتهي في ٣١ كانون الثاني، وتعد هذه الفترة ذروة فصل الشتاء ويكون ضمنها أقصر نهار في السنة.

العم جورج "أبو أنطون" أحد سكان بلدة معرونة يحدثنا عن سبب تسمية المربعانية بذلك ويقول هي تتكون من ٣٩ يوماً أي حوالي الأربعين ومن هنا جاءت التسمية.

تابع العم جورج "تنقسم المربعانية إلى قسمين الأولى تتكون من ٢٠ يوم لغاية ٢٧ كانون الثاني، والقسم الثاني ينتهي في ١٤ شباط ويكون الثاني أقصى برودة وكان يصل في منطقتنا إلى درجة الصقيع.

وأوضح العم جورج أن هذا كله يعود الى أن النهار قصير والليل طويل وتكون فترة تعرض المناطق لأشعة الشمس أقصر وتأكيداً على ذلك أن يوم بدء "المربعانية" يكون أطول أيام السنة ليلا وأقصرها نهاراً وهو ما يعرف علمياً بالانقلاب الشتوي.

ويأتي بعد المربعانية خمسينية الشتاء: ومدتها خمسون يوماً من 31 كانون الثــــاني إلى 21آذار.

وتقسم الخمسينية إلى أربعة سعود : سعد الذابح – سعد بلع – سعد السعود – سعد الخبايا وكل سعد مدته 12 يوماً ونصف , والمستقرضات 7 أيام، وتقع ضمن الخمسينية.

وكل مناسبة قيل فيها بعض الأمثال , فمن الأمثال التي تصف شدّة البرد في أيام السعود الأربعة:

فمثلاً المربعينية إذا ما عجْبكم حالي ببعثْ الكم خْوالي (السعود).

ويشرح العم جورج معنى "السعود " فيقول:

أولها سعد الذبح: ويبدأ في 31 كانون الثاني: وسمي هكذا لشدة البرد فيه وتموت فيه الماشية.

وثانيها ســعد بلـع : ويبدأ في 12 شبــاط وهما نجمان مستويان أحدهما غير ظاهر والثاني منيرو يسمى بالعاً كأنه بلع الآخر، وثالثها ســعد السـعود : يبدأ في 25 شبــاط :هو أيضاً نجمان  بينهما أقل من قيد ذراع في مرأى العين

وأخرها سعــد الخبـايــا : يبدأ في 9 آذار :واختُلف فيه فقال بعضهم إنه نجم حوله ثلاثة نجوم مثلّثة تشبه رجل البطة والكوكب هو السعد والثلاثة هي الخبايا. ويسمى أيضاً  سعد الأخبية لخروج المخبآت فيه من الثمار والحشرات.

أما المستقـــرضات : وهي سبعة أيام :وتُسمى ( أيام العجوز ) لأنها تقع في عجز الشتاء أي في آخره , وهي (أربعة من آخر شباط وثلاثة من أول آذار )، وتمتاز في أغلب الأحيان بالمطر الشديد والفيضانات وهبوب الرياح الشديدة والبرد القارس.

العم جورج يتابع مبتسما قديما لم يكن هناك هذه التطورات الفلكية والتطبيقات الالكترونية فكان لأجدادنا حسابات خاصة سواء لفصل الشتاء أو الصيف وتوارثناها عبر الأجيال وكنا نسمع في صغرنا كم بقي يوم للمربعانية ؟ وبأي سعد نحن؟ وهذه المصطلحات لم تعد موجودة كسابق عهدها فجيلكم ينتظر نشرة الطقس ويسمي المنخفضات بأسماء.

وعن العادات والتقاليد في "المربعانية" يقول العم جورج نحن أغلبنا نعمل في الزراعة والرعي لهذا نهتم بالطقس وأحواله لمعرفة أوقات الزراعة والحصاد وفترة "المربعانية" هي فترة الراحة لدينا حيث نكون قد انتهينا من الزراعة ونبقى في الدار ونجتمع حول "صوبية الحطب" وكانت النسوة تتفنن بصنع الطعام من شوربات الخضار والبطاطا المشوية والكستناء وتعلو الضحكات في "المربع" وهو الغرفة الكبيرة في الدار كانت أيام بركة ولها في قلوبنا معزة كبيرة.

من جانب آخر لا يخف على أحد أن هذه العادات والتقاليد والتي بدأت تختفي شيئا فشيئا وتعود الى التدخلات العالمية التي لم يسلم المناخ منها بعد تقديم مشروع الاتفاق النهائي بشأن اتفاق باريس والتي تهدف الى احتواء الاحترار العالمي وتثبيت تركيز الغازات الدفينة في الغلاف الجوي عند مستوى يسمح للنظام البيئي بأن تتكيف بصورة طبيعية مع تغير المناخ وبالتالي حماية الإنسان من خطر يصل إلى النقص في الغذاء والماء والسماح بالمضي قدما في إيجاد وخلق سبل للتنمية الاقتصادية على النحو المتقدم.

وزارة الإعلام - مارلين كوركيس