الإطاحة بأردوغان وحزبه

بقلم: أحمد ضوا

لم يتأخر النظام التركي عن الانخراط في الأزمة المشتعلة بين أذربيجان وأرمينيا والعمل على تصعيدها بإرساله ونقله المئات من الإرهابيين والمرتزقة إلى جبهة القتال فارضاً شروطه لإيقاف هذه الحرب.

 

يعمل النظام الإخواني في تركيا على زج نفسه في كل الأحداث والتوترات والحروب في المنطقة ومحيطها الإقليمي باحثاً عن دور يلبي أوهامه، عتاده الأساس المرتزقة والإرهابيون وانتهاك سيادة الدول وخرق مبدأ حسن الجوار واستغلال الدين وعلاقته الانتهازية مع الدول الغربية وعضوية بلاده في حلف شمال الأطلسي.

 

هذه السياسة العدوانية تجلت في التدخل التركي في العراق واحتلال جزء من أراضيه ومن ثم المشاركة في الحرب الإرهابية على سورية وفتح الحدود التركية أمام قوافل الإرهابيين ومن ثم احتلال أجزاء من الأراضي السورية وعرقلته تطهير محافظة إدلب من الإرهاب.

 

واستطال العدوان التركي إلى ليبيا بإرسال الآلاف من الإرهابيين والمرتزقة لدعم حكومة الإخوان هناك ومن ثم إلى السودان وصولاً إلى التدخل في الخلاف بين دويلة قطر من جهة والسعودية والإمارات من جهة أخرى، إضافة إلى الأزمة التي افتعلها مع اليونان وقبرص ومصر حول التنقيب عن الثروات الباطنية في البحر المتوسط دون التنسيق مع أحد.. وأخيراً وليس آخراً إرساله المرتزقة إلى إقليم قرة باغ المتنازع عليه بين باكو ويريقان.

 

لا يتحرك النظام التركي في استراتيجيته العدوانية هذه من منطلق مصلحة بلاده بوضعها "الجيو سياسي" حالياً، ولو كان الأمر كذلك لتوقف عن مواصلة سلوكه الإجرامي هذا بالنظر إلى تراجع الاقتصاد التركي والانخفاض الحاد والمتتابع في سعر صرف الليرة التركية والعلاقات المتوترة والعدائية والإشكالية مع كل دول الجوار.

 

ينطلق رئيس النظام التركي في الاستمرار باستراتيجيته العدوانية من الأحلام التي تراوده في استعادة تاريخ السلطنة العثمانية الأسود، ولا تخلو تصريحاته من التلميحات المباشرة عن حق بلاده في التدخل بكل هذه الأحداث والتأثير فيها استناداً إلى هذا التاريخ العثماني.

 

حتى اليوم ورغم الخطر الكبير الذي يشكله النظام التركي في تغذية التطرف الديني ونشر الإرهاب وتكريس استثمار المرتزقة خلافاً لكل القوانين الدولية لم تتصرف الدول الأوروبية بما يمنع هذا الخطر عن شعوبها ويهدد الأمن والسلم العالمي، وفي المقلب الآخر ساعد الضعف والعجز والتشرذم العربي أردوغان على التدخل في شؤون الدول العربية ونشر الإرهاب وتغذية الخلافات الطائفية والعرقية فيها.

 

لن يتوقف النظام التركي عن المضي بهذه السياسية الإجرامية التي تعكس العقلية العثمانية المنحرفة والسلطوية بمناشدة الأوروبيين والولايات المتحدة له مؤخراً بعدم إرسال المرتزقة إلى قرة باغ أو بالصمت العربي الذي لا وصف له أو بمراعاة روسيا والصين وإيران لواقع المصالح المتبادلة وغيرها من الظروف التي فرضها التقاعس من مواجهة السياسة الأميركية في المنطقة لأردوغان تفسر كل هذه التصرفات على أنها ضعف يغلفه عدم الاكتراث ويواصل سياسته ونهجه الإخواني على هذا الأساس.

 

إن توسع التطرف الديني في تركيا وارتفاع مستوى النزعة الطورانية لدى شرائح سياسية في مفاصل صناعة القرار فيها، واعتماد السلطة على المرتزقة والإرهابيين على المستوى الإقليمي ولاحقاً الدولي مرتبط إلى حد كبير بالأوهام العثمانية التي تحرك أردوغان والتي تؤهل تركيا لتكون مصدر تهديد إرهابي وعنصري طويل للعالم.

 

يتطلب تغيير النهج السياسي الخطير في تركيا تحركاً إقليمياً ودولياً على المستويين السياسي والاقتصادي ضد أردوغان بصفته الشخصية والسياسية والحزبية يجبره في بداية الأمر إلى التراجع عن هذه الإستراتيجية العدوانية ومن ثم إنهاء حقبته السوداء وعودة تركيا إلى التفاعل مع جيرانها وفق المصالح المتبادلة وحسن الجوار.

 

في الكواليس بدأ الحديث جدياً عن ضرورة وضع حد لغطرسة وتطرف وعدوانية النظام التركي واتفاق جميع المحركين في السياسة الدولية على دعوة هذا النظام إلى عدم إرسال المرتزقة إلى قرة باغ تحمل في مضمونها تهديداً مبطناً بدأت تظهر ملامحه في توجه الاتحاد الأوروبي لفرض عقوبات على تركيا ولكن يبقى ذلك إجراء جزئياً قد يدفع أردوغان إلى العودة بخطوة للوراء ولكنه غير كاف لدفعه الى إحداث انعطاف كلي في سياسته العدوانية.

 

إن الكثير من مواقف الدول تجاه النظام التركي تحكمها المصالح وليس العلاقة الودية والطبيعية، والعلاقات الإشكالية لأوروبا وروسيا وإيران مع هذا النظام خير دليل على ذلك، والحفاظ على هذه المصالح الاقتصادية والسياسية ممكن فقط بإزاحة أردوغان وحزبه الإخواني وإنهاء تسلطهم على الحياة السياسية في تركيا.

2020-10-04