مسؤولية الأمم المتحدة والحلفاء!


بقلم : أحمد ضوا


تصرُّ الولايات المتحدة على تفسير القرارات الدولية بما يخدم سياستها العدوانية والتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى دون أي اعتبار حتى لمشاركتها في إصدار هذه القرارات من عدمه.

إن الاجتماعات التي يعقدها ما يسمى المبعوث الأميركي الخاص إلى سورية جيمس جيفري مع عدد من المسؤولين من دول محور الإرهاب، وتتناول العملية السياسية في سورية بالتزامن مع اجتماعات لجنة مناقشة الدستور في جنيف تعكس استمرار المحاولات الأميركية بعرقلة عمل هذه اللجنة وإفشال اجتماعاتها الجارية.

 

فبدلاً من أن تلتزم واشنطن بالقرار 2254 الصادر عن مجلس الأمن حول سورية والذي وافقت عليه تركز على إرسال الرسائل المباشرة وغير المباشرة للوفد الذي تدعمه مع شركائها لدعم الإرهاب في سورية ولتعطيل عمل لجنة مناقشة الدستور والإيحاء له بالقفز فوق الأسس والمبادئ الوطنية إلى الأمور والنصوص الجزئية خلافاً لأسس وقواعد صياغة الدساتير الوطنية المتعارف عليها في العالم.

فقبل انعقاد اجتماعات لجنة مناقشة الدستور في جنيف التقى جيفري بالوفد الذي تدعمه بلاده في رسالة سلبية جداً تضرب أي ثقة بوطنية هذا الوفد الذي يلتقي بجهة أجنبية معادية لوطنه وهو ذاهب لمناقشة وضع أو تعديل دستور بلاده.

 

ولم يكتف جيفري بذلك، بل عسكر في جنيف عدة أيام ليضمن عن كثب تعطيل عمل لجنة مناقشة الدستور وليطير فيما بعد إلى تركيا التي يدعم نظامها الإرهاب في سورية ويحتل جيشه أجزاء عزيزة منها ليناقش مع المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن الوضع السوري، ويرسل رسالة إلى الوفد “غير الوطني” الذي يدعمه عبر الإيحاء له بالإصرار على عدم مناقشة المبادئ والثوابت الوطنية والقفز فوراً إلى البند الخاص بالانتخابات في الدستور ضماناً لتوفير أرضية التدخل الأميركي في الخيارات الوطنية للشعب السوري.

 

من المعلوم أن واشنطن تسعى عبر الضغوط السياسية والاقتصادية وإطالة أمد الحرب الإرهابية على سورية بعرقلة قيام الجيش السوري تحرير محافظة إدلب من التنظيمات الإرهابية إلى تحقيق أهدافها العدوانية التي عجزت وفشلت بتحقيقها في الحرب الإرهابية، وتركز الإدارة الأميركية على لجنة مناقشة الدستور والدور الأممي المسير لعملها للنفوذ إلى العملية السياسية وبالتالي التأثير لاحقاً في البناء السياسي والاقتصادي لسورية وصولاً إلى تحويلها لدولة فاقدة الدور والتأثير وتخضع للتأثير الأميركي الصهيوني.

 

قد يرى الكثير من السوريين أن مشاركة الوفد الوطني في لجنة مناقشة الدستور لن تأتي بأي نتيجة، وهو استنتاج واقعي أشار إليه السيد الرئيس بشار الأسد في خطابه الأخير أمام أعضاء مجلس الشعب بقوله: “الحوار الحقيقي، الحوار الحر بين أناس أحرار والذي نؤيده بقوة ونسعى إليه بصدق ونؤمن به بعمق، فمازال مجرد أمنيات تتحطم على واقع العمالة والخيانة والعبودية”، ولكن في الوقت نفسه هذه المشاركة التي تعكس تفاعل الحكومة السورية مع الجهود الدولية تكشف حقيقة السعي السوري لإنهاء الحرب واستثمار كل جهد أو مبادرة دولية لحقن دماء السوريين، وتعري التدخل الأميركي السافر في عمل اللجنة وعرقلة العملية السياسية في سورية.

 

إن ما يصدر عن الوفد الذي تدعمه واشنطن وأنقرة في لجنة مناقشة الدستور يعكس التدخلات الأميركية في عمل اللجنة خلافاً للقرارات الدولية وما أدلى به المبعوث الأممي إلى سورية والذي أكد “احترام ميثاق الأمم المتحدة ووحدة سورية وسيادتها وسلامة أراضيها”.

 

يؤكد مواصلة الإدارة الأميركية والنظام التركي وحلفائهما على التدخل في عمل اللجنة وجهودهم الحثيثة لدعم الإرهاب وإنعاش خلايا تنظيم داعش الإرهابي في الصحراء السورية وحماية بؤرة الإرهاب في محافظة إدلب إصرارهم على إطالة الحرب على سورية، وهذا يقتضي من الأمم المتحدة وحلفاء سورية وشركائها في مكافحة الإرهاب تفعيل كل الخيارات المرافقة للعملية السياسية، بما فيها الأعمال العسكرية ضد الإرهاب، بما يشكل ضغطاً كافياً على واشنطن وحلفائها ودفعها لتغيير مواقفها والاقتناع بعدم جدوى كل تدخلاتها في الشأن الداخلي السوري.

2020-08-31