الجعفري: ضرورة وضع حد للإرهاب الاقتصادي المتمثّل بالإجراءات القسرية أحادية الجانب المفروضة على سورية

أكّد مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة الدكتور بشار الجعفري ضرورة وضع حد للإرهاب الاقتصادي والتجاري والمالي والصحي الذي تمثّله الإجراءات القسرية أحادية الجانب التي تفرضها دول غربية على سورية مشيراً إلى أن تحقيق أي تحسّن في الوضع الإنساني يقتضي التعاون والتنسيق مع الدولة السورية والامتناع عن تسييس العمل الإنساني وعدول هذه الدول عن سياساتها القائمة على فرض إجراءات قسرية وشروط مسبقة على العمل الإنساني والتنموي.

 

وبيّن الجعفري خلال جلسة لمجلس الأمن أمس عبر الفيديو حول الوضع الإنساني في سورية أن سورية قامت خلال الآونة الأخيرة منفردة تارة وبالتعاون مع عدد من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة تارات أخرى بتوجيه رسائل رسمية ونداءات إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورؤساء مجلس الأمن المتعاقبين للمطالبة بالعمل على رفع هذه الإجراءات الاقتصادية القسرية غير الشرعية التي تفرضها دول أعضاء في هذه المنظمة على الشعب السوري وعلى عدد من الشعوب الصديقة لافتاً إلى أن هذه الدعوات لقيت صدى إيجابياً من الأمين العام وعدد من كبار موظفي المنظمة بمن فيهم المبعوث الخاص إلى سورية غير بيدرسون والمقرّر الخاص المعني بآثار الإجراءات القسرية على حقوق الإنسان والمقررة الخاصة المعنية بالحق في الغذاء ومنظمة الصحة العالمية وآخرون وأكثر من أربعين منظمة أممية ودولية حيث طالبوا بوضع حد للإجراءات القسرية أحادية الجانب التي يعاني منها نحو ملياري شخص من سكان الدول المتضررة منها.

 

وأشار الجعفري إلى أنه في مقابل هذه المواقف فضلت الإدارة الأمريكية وحلفاؤها الإمعان في انتهاكاتهم للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وصكوك حقوق الإنسان وعمدوا خلال الشهرين الماضيين إلى إحباط أي مبادرات أو مشاريع قرارات تتضمن المطالبة بوضع حد للآثار السلبية التي تخلفها الإجراءات القسرية الانفرادية على إمكانية تصدي القطاع الصحي والخدمي في الدول المستهدفة لوباء كورونا ولم يقتصر الأمر على ذلك بل أعلنت الإدارة الأمريكية تمديد العقوبات الجائرة أحادية الجانب المفروضة على الشعب السوري ضاربة بذلك عرض الحائط بالقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وقراراتها وبكل الدعوات المطالبة بوضع حد لهذه الإجراءات في موقف يمثل خطوة جديدة في سياساتها العدائية تجاه سورية ويدحض أي مزاعم إنسانية تروج لها تلك الإدارة وحلفاؤها على ألسنة ممثليهم في الأمم المتحدة وخارجها.

 

وأوضح الجعفري أن سورية أطلعت مجلس الأمن مراراً وتكراراً على مدى السنوات الماضية على الآثار الكارثية للإجراءات الاقتصادية القسرية على الحياة اليومية لـ 24 مليون سوري وعلى قدرة مؤسسات الدولة والقطاعات الصحية والاقتصادية والخدمية في سورية على النهوض بمهامها بالشكل الأمثل وقد زاد وباء كورونا من جسامة الأعباء والتحديات التي تمثلها تلك الإجراءات وأبرز مجددا زيف الادعاءات التي تروج لها بعض الدول الغربية والتي رفضت مؤخّراً حتى السماح للطائرات السورية بإعادة المواطنين السوريين العالقين في بعض الدول الأوربية إلى وطنهم كما أتت التوضيحات التي أصدرتها المفوضية الأوروبية مؤخّراً حول الإجراءات القسرية لتثبت مرة أخرى أن هذه الإجراءات لا تؤذي إلا الشعوب ولتؤكّد عدم نية هذه الدول رفع هذه الإجراءات التي تفتقر إلى أي أساس أخلاقي أو اقتصادي أو سياسي مقبول مطالباً مجلس الأمن بتكليف الأمانة العامة تقديم تقرير واف خلال مدة لا تتجاوز الثلاثين يوما حول الآثار الكارثية لهذه الإجراءات على الشعب السوري.

 

وأشار الجعفري إلى أن الإجراءات القسرية التي يفرضها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة غير قانونية وهي محاولة للالتفاف على شرعية مجلس الأمن وتهدف إلى تقويض سيادة الدولة السورية، مبيناً أن آفاق الإمدادات الإنسانية والطبية الأوروبية والأمريكية إلى سورية هي عند حدود الصفر بسبب فرض مجموعة واسعة من القيود والشروط المسبقة لهذه الإمدادات وأن كل ما تروج له الدول الغربية التي تفرض إجراءات قسرية على سورية ليس سوى محاولة يائسة جديدة “لإضفاء الطابع الإنساني” على سلوكها الوحشي والإرهاب الاقتصادي والعقاب الجماعي الذي تمارسه ضد الشعب السوري لكن سورية لن تنخدع بادعاءات هذه البلدان ولن تستسلم أبدا لإملاءاتها.

 

وجدّد الجعفري التأكيد على موقف سورية من مؤتمرات بروكسل للمانحين بأن هذه المؤتمرات مجرد فعاليات استعراضية دعائية تهدف لخدمة أجندات حكومات بعض الدول المنظمة لها والمشاركة فيها في تسييس العمل الإنساني وفرض شروطها المسيسة مشددا على أن سورية لا تعترف بأي اجتماعات أو مبادرات تعقد حولها دون مشاركتها والتنسيق الكامل معها وتجدد مطالبتها الأمم المتحدة بعدم المشاركة في مثل هذه المؤتمرات حفاظا على نزاهة دورها واحتراما لمعايير العمل الإنساني.

 

وبيّن الجعفري أن قوات الاحتلال التركي في شمال غرب سورية وقوات الاحتلال الأمريكي في شمال شرق سورية وفي منطقة التنف التي يقع ضمنها مخيم الركبان تواصل دعم التنظيمات الإرهابية والميليشيات الانفصالية العميلة لها وهو الأمر الذي أكدته اعترافات عدد من الإرهابيين المنتمين لتنظيم “داعش” والذين وقعوا في قبضة الجيش العربي السوري مؤخرا وأكدوا تلقيهم التدريب على يد تنظيم “مغاوير الثورة” الإرهابي بإشراف قوات الاحتلال الأمريكي في التنف لافتا إلى أن كل ذلك يتم في ظل صمت مطبق من مجلس الأمن الذي تسعى بعض الدول دائمة العضوية فيه إلى جعله منصة لحلف الناتو ومظلة للدفاع عن حلفائها في هذا الحلف مهما ارتكبوا من انتهاكات للقانون الدولي ولمبادئ ومقاصد الأمم المتحدة.

 

وأوضح الجعفري أن تنظيم “جبهة النصرة” والتنظيمات الإرهابية الشريكة له قاموا بإعادة تنظيم قواتهم في مناطق وجودها شمال غرب سورية لشن المزيد من الهجمات الإرهابية من بينها قيام تنظيمي “حراس الدين” و”الحزب التركستاني” الإرهابيين ..المعتدلين كما يحب البعض أن يصفهما.. بمهاجمة إحدى النقاط العسكرية التابعة للجيش العربي السوري في قرية الطنجرة المجاورة لسهل الغاب الأمر الذي أدى إلى ارتقاء عدد من الشهداء وإصابة آخرين فضلا عن قيام عناصر إرهابية من تنظيم “الحزب التركستاني” المدعوم تركيا بتدمير برج محطة زيزون الحرارية لتوليد الكهرباء بريف إدلب والذي تبلغ قيمته وحده نحو 44 مليون دولار بعد أن كانوا قد نهبوا بالتعاون مع فنيين أتراك معدات المحطة التي تقدر قيمتها الإجمالية بـ 660 مليون دولار وقاموا بنقلها إلى داخل الأراضي التركية عبر المعابر التي يزعم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية “أوتشا” أنها “إنسانية” والتي تسيطر عليها التنظيمات الإرهابية وراعيها التركي إضافة إلى مواصلة تنظيم “جبهة النصرة” الإرهابي جرائمه والتي كان آخرها القيام بعمليات حفر لاستخراج الأنابيب المعدنية والكابلات النحاسية وأسلاك تمديدات الهاتف لبيعها في الأسواق التركية.

 

ولفت الجعفري إلى أن النظام التركي ينتهك مجددا التزاماته بموجب القانون الدولي والاتفاقيات الناظمة للمياه والأنهار الدولية من خلال إنشاء سد “اليسو” على مجرى نهر دجلة والبدء بملء بحيرة السد الصناعية وهو الأمر الذي سيحرم ملايين السوريين والعراقيين لسنوات من الاستفادة من مياه نهر دجلة كما يواصل استخدام المياه كسلاح ضد المدنيين السوريين في مدينة الحسكة والتجمعات السكانية المجاورة لها حيث قطع مجدداً المياه من محطة علوك ليحرم مليون سوري من مياه الشرب وهي جريمة حرب موصوفة وجريمة ضد الإنسانية تستدعيان عقد اجتماعات طارئة لمجلس الأمن لوضع حد لهما ولمساءلة مجرمي الحرب في النظام التركي عليهما وذلك بدلا من التعمية على هذه الجرائم وعقد جلسات طارئة الواحدة تلو الأخرى حول قضايا مختلقة ومصطنعة.

 

وأشار الجعفري إلى أن قوات الاحتلال الأمريكي حالت دون عمل الهلال الأحمر العربي السوري في مناطق شمال شرق سورية وسعت للاستعاضة عنه بتنظيمات غير شرعية لا يعترف بها الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب والهلال الأحمر كما زج النظام التركي بالهلال الأحمر التركي للعمل في المناطق التي يحتلها في شمال وشمال غرب سورية ومنع الهلال الأحمر العربي السوري من العمل فيها وقام بمهاجمة مقاره ونهبها والاعتداء على العاملين فيها وهذا على غرار ما قام به الاحتلال الإسرائيلي منذ احتلاله الجولان السوري عام 1967 ليستوي الاحتلال الإسرائيلي والتركي في انتهاك مقررات المؤتمر التأسيسي للاتحاد الدولي لجمعيات الصليب والهلال الأحمر.

 

وقال الجعفري إن الأنكى من ذلك هو قيام النظام التركي بتأليب التنظيمات الإرهابية التابعة له ضد الهلال الأحمر العربي السوري وحثها على منع الوصول الإنساني من الداخل لخلق ذرائع لتمديد العمل عبر الحدود وهي ممارسة معهودة رأيناها وشركاؤنا في العمل الإنساني سابقا في عدد من المناطق بما فيها المناطق الشرقية والجنوبية بهدف منح الذرائع لتمديد العمل عبر الحدود وتيسير تهريب السلاح والعتاد والمؤن للتنظيمات الإرهابية مشددا على موقف سورية الرافض للعمل عبر الحدود ومطالبتها مجددا بإغلاق مكتب “أوتشا” في غازي عنتاب الذي جعل من نفسه أداة للتنظيمات الإرهابية وللدول المعادية لسورية وبوقا للأكاذيب ومنبرا لتضليل مجلس الأمن والرأي العام العالمي ومؤكدا أن تحقيق أي تحسن في الوضع الإنساني يقتضي التعاون التام والتنسيق الكامل مع الدولة السورية والامتناع عن تسييس العمل الإنساني وعدول الدول الغربية عن سياساتها القائمة على فرض إجراءات قسرية وشروط مسبقة ولاءات على العمل الإنساني والتنموي.

2020-05-20