فجوة كبيرة في حصّة المشروعات الصغيرة من التمويلات المصرفيّة..والبحث جار عن الأسباب ؟؟


أكدت أحدث تقارير صندوق النقد العربي، أن حصة المشروعات من إجمالي التسهيلات للقطاع المصرفي، تبلغ في المتوسط 9% في الدول العربية، معنى ذلك أن سورية تعاني من فجوة تتجاوز 100% لتصل للمتوسط العربي، وأكثر من 450% لتصل إلى متوسط البلدان متوسطة الدخل، وتشكّل المشروعات حالياً 99% من المنشآت السورية، ويبيّن تقرير صندوق النقد العربي حصة المشروعات الائتمانية، حيث تعاني سورية من ضعف كبير في حصة المشروعات من إجمالي تسهيلات 4%، وتظهر المشكلة أكبر إذا قارنا سورية مع دول عربية أخرى.
ويصنّف خبراء في الاقتصاد المشكلات المالية بأنها من أكبر المشكلات التي تعتري عمل المشروعات الصغيرة، وتتجسد في الاعتماد على المدخرات العائلية، والاقتراض العائلي غير الكافي والمنتظم، أي أن 88% من المشروعات في سورية تعتمد على المدخرات الشخصية، والقروض العائلية، بالإضافة إلى ضعف الضمانات المالية، واللجوء إلى الوسطاء والمرابين بأسعار باهظة ترفع تكاليف الإنتاج، وإحجام البنوك عن التعامل معها، حيث إن 7% يمكن أن تلبي متطلبات البنوك.
أما المشكلات الإدارية التي تعيق تسارع توطين المشروعات الصغيرة، فتتجلى في الملكية الفردية أو العائلية، حيث يربط وجود المنشأة بحياة أصحابها واستقرارهم العائلي، وخلط الذمم المالية للمنشأة مع الذمة المالية لأصحابها، ما يسبب عدم القدرة على التنبؤ والتخطيط، وعدم دقة البيانات اللازمة لذلك في حالة التوسع، وهناك ضعف الإعداد العلمي والمهني والإداري لرب العمل، وضعف قدرته على الأخذ بأسباب التقدم والتطور، فالمشكلات المحاسبية تنتج عن ندرة البيانات المالية والمحاسبية الدقيقة، وتعدد هذه البيانات حسب الغرض، وتأخر إعداد هذه البيانات على النحو يفيد الغرض من وجودها، ناهيك عن عدم وجود دفاتر سجلات.
وهناك مشكلات تسويقيّة تتجلّى بقلة الأماكن المخصصة لعرض المنتجات، وعدد قنوات التوزيع، وعدم القدرة على مواكبة تقلبات الطلب الشديد، تؤثر على كفاءة ووجود المنشأة وافتقارها إلى المواصفات والتصميمات، وعدم القدرة على تنفيذها في ظل غياب الرقابة على الجودة، وهنا تؤكد مصادر هيئة تنمية المشروعات، على عدم وجود حماية لهذه المنشآت من الدولة، والقدرة على مواكبة التطور المتلاحق في ذوق ورغبات المستهلكين، بالإضافة لانخفاض القدرة التفاوضية على الأسعار، حيث تعاني 72% من المشروعات من صعوبات التسويق، إلى جانب المشكلات الإنتاجية كمشكلة الحصول على المادة الخام، والأولية المناسبة، ما يؤدي إلى انخفاض مستوى الجودة، واحتكار الوسطاء وتجار الجملة، وفرض سلع محملة عند الشراء بالأجل، ويلاحظ انخفاض مستوى الخدمات والمرافق المتاحة أمام هذا القطاع، وعدم القدرة على استقطاب العمالة المدربة والمؤهلة، والاحتفاظ بها بنسبة 53%، كما تواجه هذه الصعوبة انخفاض المستوى الفني، وذلك يؤدي إلى صعوبة الوصول لمستوى تنافسي معقول بنسبة 45% لديها هذه المشكلة.

وتتحدث مصادر الهيئة عن عدم وجود ملاك عددي ونظام داخلي للهيئة، الأمر الذي يؤثر على قانونية وضع العاملين فيها، وعدم القدرة على تعيين أو نقل أي عامل جديد إليها، مع نقص الكوادر، وخاصة في المحافظات، مع الإشارة إلى تسرب الكوادر الكفء خلال الظروف الراهنة، وهذا يتطلب بناء كادر عامل مدرب يستطيع تنفيذ المهام بشكل يخدم هذا القطاع.
هذا وتتعدد المرجعيات لهذا القطاع في الجهات العامة، حيث تعمل كل جهة وفق الآليات التي تضعها برؤية لا تتناسب مع متطلبات وعمل ونشاط الهيئة، ما يؤدي إلى خلل في البنية التنظيمية، فمعظم قوانين الهيئات تعمل على تحفيز العاملين، والهيئة عملها تقليدي لا يستهدف التطوير والابتكار، أو جذب عمالة لها.
وتعتبر المصادر أنه يمكننا الاستفادة من تجارب دول عديدة عملت على تطوير المشروعات الصغيرة والمتوسطة كالتجربة الايطالية، فقد عملت الحكومة على دعم وتطوير وسائل الإنتاج، ودعم البحث العلمي، ودعم العمال المسرّحين لبدء أعمال مستقلة، وهناك العديد من التجارب الأخرى كالماليزية التي خصت هذه المشروعات بمعاملة تفضلية.

2020-01-12