لم يكن قطاع النقل بعيداً عن التأثيرات السلبية التي فرضتها سنوات الحرب, بل كان من أكثر القطاعات التي تعرضت للتخريب والتدمير, وذلك من دون أن ننسى تداعيات الحصار الاقتصادي وعقوباته التي فرضت بصورة مباشرة على قطاع النقل ولاسيما النقل الجوي والبحري, وما نجم عنه من خسائر كبيرة تقدر بمئات مليارات الليرات, لكن وزارة النقل على لسان وزيرها المهندس على حمود لم تقف مكتوفة الأيدي, بل سعت لتجاوزها وإعادة القطاعات التابعة جميعها إلى ميدان العمل, من خلال استراتيجية تطوير وتأهيل تنسجم مع إمكانات الوزارة المادية والبشرية, من هذا المنطلق كان الاهتمام بقطاع النقل البحري الذي أولته الوزارة اهتماماً خاصاً ووضعته ضمن أولويات عملها, إلى جانب الاهتمام بالقطاعات الأخرى.
وأوضح حمود أن افتتاح الأكاديمية السورية للتدريب والتأهيل البحري نقلة نوعية في مجال العمل البحري, وخطوة مميزة للارتقاء بمستوى التدريب والتأهيل للكوادر البحرية, وتوفيرها بصورة مستمرة وخاصة بعد أن خرج الكثير من العاملين من ميدان العمل وفقدان الخبرات والكفاءات التي كانت تعتمد عليها الوزارة خلال السنوات السابقة, واليوم تسعى الوزارة بالتعاون مع المؤسسة العامة للتدريب والتأهيل البحري, لإعادة التوازن لهذا القطاع وتوفير مستلزماته, وخاصة لجهة تأمين الخبرات والكوادر المؤهلة لإدارة دفة العمل في كل المرافق البحرية, بما يخدم الهدف الأساس في زيادة مساهمة هذا القطاع في سرعة دوران العجلة الاقتصادية الشاملة, من هنا تأتي أهمية افتتاح الأكاديمية السورية للتدريب والتأهيل البحري, حيث نفذت دورات تدريبية على مستوى عال من المهنية والعلمية لأول مرة تنفذ في سورية, منها على سبيل المثال لا الحصر دورات تدريبية مؤهلة لشهادات الكفاءات البحرية, ودورات خاصة للبحارة غير الحاصلين على الشهادة الثانوية, ممن لديهم خدمة بحرية لا تقل عن 36 شهراً, والناجحون في الدورة يحق لهم التقدم لدورة ضابط نوبة ملاحية, أو هندسة حسب الاختصاص والخدمة البحرية.
مع تأكيد حمود أهميتها أيضاً من خلال إقامة دورات للحاصلين على شهادة كفاءة من دول على اللائحة البيضاء للدول المانحة للشهادات, حيث تم وبالتعاون بين السلطة البحرية (المديرية العامة للموانئ) والمؤسسة العامة للتدريب والتأهيل البحري تحديد معايير وإجراءات القبول في دورات الترقية, وتحديث المعرفة التي تقيمها المؤسسة وذلك للحاصلين على شهادات كفاءة بحرية من دول على اللائحة البيضاء, وذلك لحل مشكلة الركب المبحر الذي حصل على مثل هذه الشهادات, وليس في إمكانهم تجديدها بالسفر لتلك البلدان أو اللجوء لتجديدها عن طريق مكاتب وساطة من دون تدريب وبمبالغ مالية كبيرة.
لكن أمام ذلك علينا الوقوف عند مسألة مهمة جداً تكمن في الفوائد التي تحققها الوزارة من إقامة هذه الأكاديمية والايجابية التي تعكسها على واقع العمل في قطاع النقل البحري, حيث أكد وزير النقل -المهندس علي حمود على جملة من الفوائد حددها في عدة نقاط أهمها: السمعة الدولية لسورية وللشهادات البحرية السورية, واستقطاب الطلاب من البلدان العربية والأجنبية, الإيرادات الكبيرة التي يمكن تحقيقها من خلال أجور الدورات والدراسات الأكاديمية, وإيرادات المديرية العامة للموانئ كجهة مصدرة لشهادات الكفاءة, أيضاً توفير كبير على الطلاب من حيث المال والجهد الذي يدفعه الطالب للسفر والدراسة في الدول الأخرى, الى جانب توفير فرص عمل للمدربين والمدرسين المختصين, والمساهمة في تطوير العمل البحري, وتشجيع ملاك السفن لتسجيل سفنهم تحت العلم السوري ما يحقق إيرادات كبيرة وقوة للأسطول البحري السوري, ومكانة أفضل لدى المنظمة البحرية الدولية.
لكن هذا على المستوى المحلي, أما فيما يتعلق بالفائدة على المستوى الخارجي فهناك فوائد أخرى يمكن تحقيقها من خلال الاعتراف بالشهادة السورية عالمياً, تكمن في السمعة الدولية للشهادة السورية, وإيرادات كبيرة لكل من مؤسسة التدريب,و تشجيع الاستثمار الخاص في قطاع النقل البحري كنتيجة لتطور نوعية العمل البحري, وتحقيق المتطلبات الدولية, والاستفادة من خبرة وكفاءة المدربين السوريين من ربابنة وكبير مهندسين وذلك بالتعاقد معهم ما يحقق فرص عمل جديدة لهم, والأهم تقليل حالات التزوير في الشهادات البحرية. وبناءً عليه نجد أن ايرادات المؤسسة قد تطورت بصورة ملحوظة منذ إحداثها في العام 2011 والتي انتهت في سنة الأحداث من دون ايرادات لتبدأ في العام 2012 بإيرادات قيمتها 753 ألف ليرة, لترتفع في العام 2013 إلى حوالي 3.6 ملايين ليرة, وفي العام 2016 بلغت الإيرادات الفعلية نحو 54 مليون ليرة، وفي العام 2018 وصلت قيمتها لحدود 424 مليون ليرة, وفي العام الحالي قدرت الإيرادات الفعلية منذ بداية العام الحالي وحتى نهاية منتصف الشهر العاشر بنحو 426 مليون ليرة.
صحيفة تشرين