قراءات من الصحافة الأمريكية لتطور أحداث الشمال السوري


 
توقعت وكالة بلومبرج أن تتحالف قوات سورية الديمقراطية الكردية، بعد أن فقدت ملاذها في الولايات المتحدة، مع دمشق في مواجهة الجيش التركي. وأضافت ربما تساعد تصرفات واشنطن وأنقرة الرئيس الأسد على استعادة قبضته على معظم سورية ما قبل الحرب، مشيرة إلى أن الرئيس الأسد تمكن من سحق غالبية المتمردين بمساعدة حلفائه (إيران وروسيا).
وأشارت إلى أن نحو ثلث الدولة في الشمال الغني بالنفط والشرق لا يزال خارج سيطرة حكومة دمشق، وفي يد القوات الكردية التي تتعرض لقصف تركي بعد ضوء أخضر من واشنطن.
ونقلت عن أيهم كامل رئيس وحدة أبحاث الشرق الأوسط وأفريقيا في شركة أوراسيا جروب أن الأكراد سوف يرون تحول واشنطن كسبب لتطوير إطار من التعاون مع دمشق وروسيا. وأضاف كامل على المدى الطويل قد يستلزم هذا عودة الدولة للمناطق الغنية بالموارد، وسيمنح المزيد من التمكين لحكومة الرئيس الأسد.
وذكرت صحيفة لوس أنجلوس تايمز أنه بالرغم من أن ترامب جلب معه مستوى جديداً من الاضطراب للتعامل مع تركيا، إلا أن أنقرة لطالما كانت حليفاً شائكاً وإشكالياً، وكانت تركيا عضواً في حلف الناتو منذ عام 1952، لكن السنوات الأخيرة شهدت أجندة أردوغان اصطداماً مستمراً مع أجندات أمريكا وأعضاء التحالف الآخرين في أوروبا، وفي الوقت الذي كان فيه الصراع في سورية يتسارع، فإن تركيا سمحت لحدودها الجنوبية بأن تصبح طريقاً سريعاً للمتطرفين الأجانب للانضمام إلى القتال في سورية.
وأوضحت أن تهديدات ترامب بـ"تدمير وتحطيم" الاقتصاد التركي تحمل جانباً سلبياً من منظور شخصي: وهو مصالحه التجارية الكبيرة في البلد. ولا أحد يعلم المدى الحقيقي لأملاك واستثمارات الرئيس الأمريكي في تركيا؛ لأن ترامب تحرك على أكثر من جبهة لمنع نشر تقارير الضرائب المتعلقة بشركاته.
غير أنه لا يمكن لأردوغان أن يستخف بالتهديدات الاقتصادية من الرئيس الأمريكي، الذي تبقى قبضته على الحكم قوية، لكن حزبه عانى من خسارة كبيرة في انتخابات البلدية في إسطنبول، وربما أدى الاستياء من الوضع الاقتصادي دوراً مهماً في فوز المرشح المعارض أكرم إمام أوغلو، الذي فاز في إعادة للانتخابات، وأصبح عمدة لإسطنبول، وفي المرة القادمة التي تحتاج فيها واشنطن شيئاً فإنه من المتوقع أن يضع أردوغان وحلفاؤه ثمناً لذلك.
أما مجلة فورين بوليسي الأمريكية فقد شددت على أن الانسحاب الأمريكي من شمال سورية يعلن بداية الصراع على سورية ما بعد أمريكا. وأشارت إلى أن الانسحاب الأمريكي أدى إلى نقاشين داخل عواصم المنطقة.
النقاش الأول والملح حول المدى الذي يمكن فيه الثقة في الولايات المتحدة بصفتها شريكة في ضوء تخليها عن الأكراد، مع أن الصورة عن أمريكا بصفتها حليفة لا يوثق بها تسبق المناورة المفاجئة لدونالد ترامب.
ولفتت إلى أن "النقاش الثاني غير محدد، لكنه يترك تبعاته الكبرى، وهو ما يتعلق باللاعبين المتبقين في سورية، فالخروج الأمريكي يخلق فوضى أخلاقية في الحرب السورية، التي مضى عليها أكثر من ثمانية أعوام، ولا يوجد ما يشير إلى اللاعب الذي سيستفيد من الخروج الأمريكي، ففي الوقت الذي إنهارت فيه شراكات فإن شراكات أخرى تعمقت.
وأكدت أنه من الواضح أن هناك خلافات ستظهر بين الدول الثلاث اللاعبة الأخرى في المشهد السوري، وهي روسيا وإيران وتركيا. ورأت أن إحباط الكرملين من تركيا سيزداد؛ لأن العملية العسكرية ستعرض المحادثات حول الدستور للخطر، وستؤثر على جهود الرئيس الأسد في تعزيز سيطرته على ما خسره من البلاد. ونوهت إلى أنه في العواصم العربية، خاصة السعودية والإمارات، فإنه تم تلقي الانسحاب الأمريكي بنوع من الذعر.
وختمت أن أحداث هذا الأسبوع أظهرت اتفاقاً على المستوى الوطني بين دول المنطقة باستثناء تركيا، واتفقت هذه الدول على أن التوغل التركي في شمال سورية لا يهدد الأكراد فحسب، لكنه يهدد استقرار سورية أيضاً، ما يعني استمرار الحرب الأهلية التي بدأت قبل ثمانية أعوام.

 

2019-10-13