عام على دحر الإرهاب في الغوطة… هذا مصير الإرهاب

بقلم: عدنان الأخرس

في مثل هذا اليوم من العام الماضي أقفل الجيش العربي السوري واحدة من أخطر جبهات محاربة الإرهاب على امتداد الجغرافيا السورية وذلك بدحر التنظيمات الإرهابية في الغوطة الشرقية وتحرير أبنائها من سطوتها بعد عمليات عسكرية دقيقة وتكتيكات قتالية فريدة انهكت تنظيمات الإرهاب ومشغليها وأثمرت نصرا تعيشه اليوم قرى وبلدات الغوطة.

تنظيف الغوطة الشرقية من الإرهاب جاء تاليا لسلسلة عمليات نفذها الجيش على مدار ثلاثة أشهر لتحرير معظم مناطق الغوطة الغربية حيث فرض بقوة الإرادة والنار كلمته الفصل وأجبر المجموعات الإرهابية المسلحة على الاستسلام والرضوخ في بداية العام الماضي بعد تحريره معظم القرى والبلدات والمناطق التي انتشر فيها الإرهابيون في ريفي دمشق الجنوبي الغربي والقنيطرة وكان آخرها التلول الحمر الاستراتيجية ليضع نهاية لأحلام العدو الاسرائيلي في إقامة ما سماه “منطقة عازلة” تحت سيطرة تنظيمات إرهابية تكفيرية تأتمر بأمرته وتنفذ أجنداته العدوانية ضد سورية.

حالة من الذعر سادت صفوف التنظيمات الإرهابية في الغوطة الشرقية بعيد تمكن الجيش العربي السوري من تحرير التلول الحمر وبأوامر من مشغليهم الخارجيين سكبوا ما تبقى من حقدهم وإجرامهم دفعة واحدة على دمشق موطن الحضارات واعتدوا بآلاف القذائف المتنوعة وبشكل يومي على المشافي فكان نصيب مشفيي الشرطة والبيروني الجامعي والمدارس والبنى التحتية والأحياء السكنية عددا كبيرا من القذائف ما تسبب باستشهاد وجرح مئات المدنيين بينهم طلاب مدارس وطلاب جامعات ومعلمون وموظفون وغيرهم الكثير.

لكن دمشق وأهلها بقوا صامدين يواصلون أعمالهم اليومية والمؤسسات تواصل عملها رغم قذائف الحقد الإرهابي اليومي ضدهم.

وأفسحت الدولة المجال لإنجاز مصالحات تحافظ على حياة المدنيين من جهة وتضمن خروج الإرهابيين من الغوطة لكن التنظيمات الإرهابية التي كانت تحتمي بالمدنيين وتستخدمهم دروعا بشرية أفشلت جميع المحاولات ومنعت المدنيين من الخروج.

ومع إفشال الإرهابيين ومشغليهم جميع الجهود للوصول إلى مصالحات محلية أسوة ببعض المناطق مثل الكسوة وغيرها كان قرار الجيش بدء عملية عسكرية ضد التنظيمات الإرهابية في الغوطة الشرقية عملية اتسمت بتكتيك عسكري خاص والانقضاض من عدة محاور على معاقل الإرهابيين وتقطيع أوصال مناطق انتشارهم وزيادة الخناق عليهم بقضم مساحات جديدة يوميا باتجاه عمق تحصيناتهم في قرى وبلدات الغوطة واستخدام أسلحة تتناسب مع طبيعة المناطق السكنية حفاظا على حياة المدنيين.

وبالتوازي مع العمليات العسكرية تم فتح ممرات آمنة لخروج المدنيين في منطقة الموارد المائية بحرستا وممر مخيم الوافدين وممر جسرين وذلك لتحرير المدنيين الذين اتخذتهم التنظيمات الإرهابية رهائن طيلة سنوات.

وعلى الرغم من استهداف الإرهابيين تلك الممرات تدفق الآلاف من المدنيين إلى نقاط آمنة وصولا إلى الممرات حيث استقبلهم عناصر الجيش العربي السوري والهلال الأحمر وتم نقلهم إلى مراكز إقامة مؤقتة وتقديم جميع الخدمات الأساسية لهم .

ومع نهاية شباط من العام الماضي بدأت تحصينات الإرهابيين الوهمية والهندسية تتهاوى تحت هدير الدبابات وتتهدم مداميكها بسواعد أبطال الجيش العربي لتحرير المدنيين في الغوطة من الإرهاب.

وبسرعة فاجأت الجميع وعمليات جراحية تكتيكية قطعت وحدات الجيش العربي السوري العديد من خطوط الإمداد والاتصال العسكري بين المجموعات الإرهابية واستعاد الجيش بلدة النشابية في القطاع الشرقي بالتوازي مع استعادة أجزاء من مدينة حرستا وكبدهم خسائر بالأفراد والعتاد على الجهة الشمالية.

حالة من الانهيار والفوضى في صفوف الإرهابيين أحدثها التقدم الكبير لوحدات الجيش فتمت استعادة قرى وبلدات المحمدية وحوش الاشعري وتأمين ممر إنساني جديد في جسرين يصل إلى بلدة المليحة لنقل المدنيين المحاصرين.

وكرت السبحة وانهزم الإرهابيون في بيت سوا ومسرابا ومديرا والتقت وحدات الجيش العاملة في محيط إدارة المركبات في الـ11 من الشهر ذاته وتمت السيطرة على جسرين ومزارعها ما أدى إلى قطع طريق الإمداد الرئيسي للإرهابيين بين الجزأين الشمالي والجنوبي من الغوطة الذي يمتد من مدينة دوما وضمن قرى الغوطة باتجاه بلدة النشابية وهو عبارة عن خندق بعمق 8 أمتار وعرض 8 أمتار وبطول عدة كيلومترات.

تساقطت تنظيمات الإرهاب والإجرام وتحررت عين ترما ومزارعها ومن ثم بلدات حزة وزملكا وعربين وغيرها الأمر الذي فرض على إرهابيي “جيش الإسلام” و “فيلق الرحمن” في مدينة دوما الانصياع والخضوع لعملية تسليم أسلحتهم الثقيلة والخروج من المدينة إلى الشمال السوري ليعلن الجيش العربي السوري منطقة الغوطة الشرقية خالية من الإرهاب في الـ 14 من نيسان الماضي ولتدخل وحدات من قوى الأمن الداخلي إلى المدينة ولتكر السبحة في بلدات القلمون الشرقي.

عملية تحرير الغوطة من الإرهاب كشفت حجم الدعم الغربي والإسرائيلي للمجموعات الإرهابية في سورية بالسلاح الذي وجدت كميات كبيرة منها في مستودعات الإرهابيين وكذلك بالتجهيزات التي استخدمت لانشاء تحصينات وأنفاق تحت الأرض لحماية الإرهابيين.

تطهير الجيش العربي السوري الغوطة الشرقية من الإرهاب كان بوابة تطهير مخيم اليرموك والحجر الأسود جنوب دمشق ليصار إلى إعلان الغوطتين خاليتين من الإرهاب والانطلاق مباشرة لإعادة الأمن والأمان لجنوب البلاد ومتابعة واجبه الوطني في الدفاع عن الوطن حتى تحقيق النصر المؤزر وإعادة الأمن إلى ربوع سورية.

لقد أثبتت سنوات الحرب الثماني ضد الإرهاب أن إرادة الجيش العربي السوري ومن خلفه الشعب السوري وقيادته قادرة على دحر مخطط الإرهاب الذي رسم لسورية وأن المرحلة الحالية من الحرب التي ما تزال قائمة ضد سورية لن تستطيع أن تقف في وجه إرادة السوريين بحماية بلدهم واستعادة أمنها واستقرارها.

2019-04-14