القطاع العام الاقتصادي على قاعدة تحوّل جديد ومفترق خيارات

 

بدا التحول البنيوي للاقتصاد السوري، أحد أهم البرامج لسورية ما بعد الحرب، حيث يوجد مدخلان إلى إصلاح القطاع العام، أحدهما قانوني تنظيمي، والآخر اقتصادي ومعرفي.
وتعتبر مصادر هيئة التخطيط والتعاون الدولي، أن هذا القطاع كان له في الستينيات دور هام في الاقتصاد، مجسداً إطاراً أيديولوجيا معيناً، ترافق مع سياسة التأميم وهجرة أصحاب المصانع، وفي السبعينيات حقق هذا القطاع نمواً أوصله ليشكل 60% من الإنفاق الحكومي، منها 40% لصناعة النفط، يلي ذلك الصناعات التحويلية ثم الكيميائية، أما الآن فيأخذ قطاع الخدمات النسب الأعلى من الميزانية، يليه الصناعات الكيميائية.
وفي ظل الوضع القائم حالياً، تؤكد الهيئة أن إنفاق الحكومة على القطاع العام لا يتجاوز 15% من مجمل الموازنة العامة للدولة، حيث أدى قرار إيقاف المشاريع الجديدة والتأكيد على العمل على المشاريع القائمة إلى تردي الوضع الحالي للقطاع العام الاقتصادي، ولم يثمر قانون الاستثمار رقم 10 حسب الهيئة إلى تحقيق الأهداف الكبرى التي تم إصداره من أجلها.
ويرى خبراء الهيئة أن هناك منطقين يحكمان أي بلد، الأول منطق الأمر الواقع، والثاني منطق القانون، وفي حال سادَ منطق الأمر الواقع فهذا يوصل إلى أزمات، وتغلبه على منطق القانون، ما يؤدي إلى كوارث وتدهور في كل نواحي الحياة، وبالتالي لا بديل من تكريس مبدأ سيادة القانون في المجتمع والدولة كمبدأ دستوري، على أن يقوم رجال القانون بدورهم بالتعاون مع وسائل الإعلام لحل التناقضات والمشكلات العامة، وهنا تجدر الإشارة إلى أنه وفي ظل هذا الواقع تبرز الإشكالية القانونية وضرورة العمل على حلها كمدخل لإصلاح القطاع العام الاقتصادي الذي يحتاج إلى توازن في التنمية، والحماية الاجتماعية، والتركيز على البحث العلمي، ووضع أدلة للعمل، وحل مشكلة نقص التكنولوجيا، وانخفاض كفاءة رأس المال البشري، والبون الواسع بين الصادرات والمستوردات…إلخ .
خاصة أنه لم يعد أمام اقتصادنا خيارات كثيرة، حسب رأي أحد خبراء الهيئة، لأننا نحتاج إلى مؤسسات تحملنا وليس مؤسسات نحملها، مؤسسات قوية خاضعة للتقييم الفعلي والعملي والمستمر الرابحة منها قبل الخاسرة، وأن تتوجه الرؤية إلى تحفيز أسباب الرابحة وإقصاء الخاسرة وإعادة توظيفها باتجاه الربحية.
وشدد الخبراء على أن تعمل المؤسسات التابعة لملكية الدولة بنظام الشركات الخاصة، وألا يكون القطاع الاقتصادي داخل الوظيفة العامة، ولهذا نحتاج إلى الجرأة في إعادة الهيكلية المالية وتقييم الأصول، منوهاً إلى ضرورة أن يكون الإصلاح في إطار شمولي حتى لا يكون محدود الأثر، وهذا يبرز حاجتنا إلى تحول بنيوي.

2019-04-09