في مزاحمتهم الإعلاميين هل نجح نجوم الدراما في تقديم البرامج التلفزيونية؟


درجت في السنوات الماضية ظاهرة فنية جديدة تمثلت بنزوح عدد من نجوم الدراما العربية إلى تقديم البرامج التلفزيونية، فبعد أن شهد الجمهور العربي انتقال عدد من الممثلين والمطربين العرب إلى مجال التحكيم والتقديم، انتقلت هذه الظاهرة مؤخراً إلى بلدنا حيث شهدنا هذه الموسم عدداً لا بأس به من الفنانين والمطربين ينتقلون من التمثيل والغناء إلى التقديم، الأمر الذي أثار موجة من التساؤلات والانتقادات وأحياناً التشجيع، فقد كشفت هذه الخطوة جوانب جديدة من شخصيات فنانينا الحقيقية، ظهرت في ردود أفعالهم الطبيعية أحياناً والمصطنعة أحياناً أخرى، بعد أن كان لا يصلنا منها سوى الدور المطلوب تمثيله والقصة المراد سردها.
ولعل أهم أسباب اختيار نجوم الدراما لتقديم البرامج التلفزيونية، تعود إلى التعويل على رصيد هؤلاء النجوم كوجوه محبوبة في مجال الدراما، وتالياً تحقيق أول بند من بنود نجاح أي برنامج تلفزيوني. فهل نجح نجومنا في هذه التجربة؟
الفنان أيمن رضا أطل علينا هذا العام عبر برنامج «صفار كتار» على الفضائية السورية، حيث يختار «كومبيوتر البرنامج» بشكل عشوائي رقماً من الأرقام المشاركة في المسابقة، ويجري الاتصال به، ثم يقوم رضا جنباً إلى جنب مع أحد نجوم الدراما الضيوف، بسؤاله بعض الأسئلة التي تتدرج صعوداً في صعوبتها، ليزيد مع كل جواب صحيح «صفراً» على مبلغ الجائزة المستحقة للمشارك، ومن الواضح أن خفة دم رضا وروحه المرحة وقدرته على ارتجال «النكات» ظهرت جلية لمتابعي البرنامج الخفيف الذي لا يضيف أي معلومات ذات أهمية قيمة إلى المشاهدين بقدر ما يهدف إلى دفع الجمهور للمزيد من الاشتراك بالمسابقة عبر إرسال الرسائل النصية، وسبق لرضا أن خاض تجربة تقديم برنامجه الخاص على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو من فكرته وإخراجه، وحتى تصويره، مستعيناً في ذلك بكاميرا هاتفه الجوال، ويقوم البرنامج على فكرة إجراء مجموعة من الحوارات المباشرة مع عامة الناس في الشارع، وأخذ آرائهم عن الحرب الدائرة على وطنهم منذ سنوات، بشيء من التحليل السياسي، ثم يقوم برفع هذه الأفلام على صفحته الخاصة على «الفيسبوك».
وعلى منوال «صفار كتار» ذاته ،حبك الفنان والمخرج «سيف الدين السبيعي» برنامج «كاش مع النجوم» الذي يعرض على قناة «سما» الفضائية، وإن بطريقة مختلفة، متمماً ما بدأه الفنان «باسم ياخور» منذ سنتين، ومستعيناً هذا العام بالفنانة «شكران مرتجى»، وهذه ليست المرة الأولى التي تدخل فيها الفنانة شكران عالم التقديم، فقد سبق أن خاضت تجربة التقديم عبر برنامج «سي بي ام» من عام 2000-2005 وبرنامج «سوالفنا الحلوة» عام 2006 وبرنامج «شكران يا..» عام 2009، كما يستضيف سبيعي في كل حلقة نجماً غنائياً أو درامياً في الاستديو ليرافق النجمين بدردشة خفيفة لا تعدو رشة بهارت مشكلة على البرنامج «اليانصيبي» البحت.
الفنانة «صفاء سلطان» خاضت أيضاً غمار التقديم عبر برنامج «خيمة رمضان» الذي يعرض على قناتي «الفضائية السورية» و«سورية دراما» طوال شهر رمضان المبارك، مضيفةً إلى مواهبها المتعددة في التمثيل والغناء، موهبة جديدة هي التقديم التلفزيوني، ويعرض برنامجها في نقل مباشر منتصف كل ليلة، وتستضيف سلطان في كل حلقة فناناً سورياً تحاوره أثناء سهرة عشاء يحضرها عامة الناس، عبر طرح عدد من الأسئلة عليه، وتعمل سلطان على كسر جمود البرامج التلفزيونية عبر «تنكيه» خيمتها الرمضانية بعدة وصلات غنائية تؤديها الفنانة الموهوبة برفقة فرقة موسيقية، كما تدور سلطان بين الطاولات في فقرة تحمل عنوان «معك، ما معي» لتفاجئ جمهور الحضور بسؤالها عما إذا كانوا يحملون «غرضاً» معيناً كـ «علبة متة» أو «عصاة سيلفي» مثلاً، ومن تجد في حوزته الغرض المطلوب يربح جائزة من الشركة الراعية للبرنامج. وعن تجربتها بتقديم البرنامج قالت سلطان: «التقديم التلفزيوني يحتاج إنساناً يظهر على طبيعته، وليس مذيعاً يستغل الشاشة لكي يلمع نفسه حتى لو حساب الضيف»، مضيفةً: «عهد التقديم المتشنج الذي ينقل للمشاهد مادة جامدة لا تهدف سوى إلى ملء ساعات البث غير مجد بالنسبة لي، ولذلك من يعرفني في الحياة سيجدني كما أنا وراء الكاميرا في هذا البرنامج من دون تكليف أو تعقيد، ولذلك نجح البرنامج في الوصول إلى المشاهدين بكل حب إلى كل أرجاء العالم».
وإذا وضعنا موهبة سلطان وخفة دمها وقوة شخصيتها جانباً، فإن البرنامج –كمادة فكرية- يصنف كسابقيه من برامج المسابقات الفنية الخفيفة التي لا تسمن ولا تغني من جوع ثقافي.
أما برنامج الفنان «باسم ياخور» على قناة «لنا» الذي يحمل عنوان «أكلناها» فيقدم شيئاً جديداً ومختلفاً مزج فيه الفنان بين الطبخ «المقزز» والأسئلة الاستفزازية والمحرجة لضيوفه التي يجبرهم فيها على الإجابة، وإلا سيُكرهون على تناول الطبق الذي أمامهم مهما كان محتواه. وهذه ليست تجربة ياخور الأولى في التقديم، حيث خاض النجم السوري تجربة التقديم الإذاعي من خلال انضمامه لتقديم البرنامج الصباحي «عيش البلد» على إذاعة «نينار إف إم» عام 2015، كما سبق أن قدم برنامج «مساكم باسم» على الفضائية السورية قبل أن يقدم برنامج أمير الشعراء على قناة أبو ظبي.
البرنامج الذي أحرز ضجة إعلامية عارمة لم ينل رضا الكثير من النقاد الذين وصفوه بـ«السخيف» و«المستفز» والقائم على فقرة واحدة لا تنويع فيها، لكن ذلك لا ينفي موهبة الفنان السوري الذي لمع نجمه في كل عمل شارك فيه حتى الآن، كذلك لم تنج زميلته على القناة ذاتها الفنانة «أمل عرفة» عبر تقديم برنامج «في أمل» من النقد الفني، حيث طالب النقاد عرفة بالاكتفاء بمواهبها في التمثيل والغناء وترك التقديم لأصحابه.
من جانبها، قدّمت الممثلة غادة بشور برامج تلفزيونيّة عدّة، مثل «حكي نسوان» على محطّة «هنا بغداد»، وتقول بشور في أحد حواراتها إنها «لم تفكر يوماً بتقديم البرامج لأن التقديم له خصوصية»، وتضيف: «الله يكون بعون المذيعات»، لتقدم هذا العام تجربتها الأولى في سورية على قناة «سورية دراما»، ضمن برنامج «طبخة غادة»، حيث اعتمد البرنامج على الدردشة الخفيفة مع ضيوف من الفنانين السوريين، والحديث معهم عن المهنة التي عمل بها الفنان قبل دخوله عالم الفن، أثناء قيام الشيف بتحضير طبق اليوم.
بدوره حجز الفنان معن عبد الحق مقعداً له هذا العام بين النجوم الذين خاضوا تجربة تقديم البرامج، عبر برنامجه الحواري الخفيف البعيد عن المسابقات وربح الجوائز «عالقهوة» ويستقبل فيه عبد الحق منتصف كل ليلة عدداً من نجوم الدراما المبدعين الذين لا يعدون من نجوم الصف الأول، ولكنهم أثبتوا أنفسهم وشقوا طريقهم إلى النجومية في فترة وجيزة، وعلى الرغم من ارتباك عبد الحق الواضح في بعض الفقرات، لكن بساطة فكرة البرنامج و«رواقه» يجعلانك تشعر بأنك تجالس الاثنين في أحد مقاهي دمشق المطلة على القلعة، وتدردش معهم دردشة فنية خفيفة تعرفنا فيها على هؤلاء الضيوف الشباب وتجاربهم الفنية وآمالهم المستقبلية.

 

2019-05-25