العماد أيوب: الحفاظ على وحدة الدولة السورية جغرافياً وبشرياً أمر غير قابل للمساومة والنقاش

عقد العماد علي عبد الله أيوب نائب القائد العام للجيش والقوات المسلحة وزير الدفاع مباحثات رسمية مع الوفدين العسكريين الإيراني والعراقي رفيعي المستوى برئاسة اللواء محمد باقري رئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية والفريق أول عثمان الغانمي رئيس أركان الجيش العراقي تناولت تقييماً شاملاً للإنجازات الاستراتيجية التي تحققت في مجال مكافحة الإرهاب خلال المرحلة السابقة ومجمل العلاقات التي تربط الجيش العربي السوري مع الجيشين الصديقين.

وتمّت خلال الجلسة أيضا مناقشة جميع المسائل المشتركة في جو من الشفافية والحرص على تفعيل التنسيق وتمتين أواصر التعاون بما يخدم المصالح المشتركة للدول الثلاث.

 

وبعد جلسة المباحثات قال العماد أيوب في مؤتمر صحفي مشترك مع اللواء باقري والفريق أول الغانمي إن الاجتماعات كانت ناجحة وغنية ومثمرة ومناقشة جميع المسائل المطروحة تمت في جو من الأخوة والشفافية والحرص على تفعيل التنسيق وتمكين أواصر التعاون بين جيوشنا الثلاثة بما يخدم مصالحنا المشتركة.

وأضاف العماد أيوب أن زيارة الوفدين الشقيقين أكثر من مهمة وأستطيع القول أنها ناجحة بامتياز وعلى شتّى الصعد والمستويات وما تمخض عنها سيساعدنا بالاستمرار في مواجهة التحديات والأخطار والتهديدات التي أفرزها انتشار الإرهاب التكفيري وتمدّده في هذه المنطقة الحيوية من العالم.

وتابع العماد أيوب: لقد تناولنا في مباحثاتنا المشتركة الواقع القائم والطبيعة المحتملة لهذه الحرب وكيف يمكن التعامل معها ومنع تدحرج كرة اللهب إلى حيث يريد المستثمرون بالإرهاب والساعون للتدخل في الشؤون الداخلية للدول المستقلة تحت أي ذريعة كانت.

 

وبيّن أيوب أنه من المسلم به أن اهتزاز الأمن والاستقرار في هذه المنطقة الحيوية من العالم لا يمكن حصره في دولة دون أخرى ولا يمكن الحيلولة دون وصول ارتداداته الحتمية إلى أماكن أخرى لذلك من الطبيعي أن نرى العراق وإيران وسورية معا على طاولة واحدة لتبادل وجهات النظر في كيفية التعامل مع تطور الأحداث وتداعياتها وما هي التدابير المطلوبة لضمان القضاء على الإرهاب ويحق لنا فعلا أن نفتخر بأننا واجهنا الإرهاب بحق ودفعنا الضريبة الأغلى في محاربته والقضاء عليه.

وقال: الأمر الآخر الذي أحسب أنه يدور في أذهانكم هو السؤال عن الوضع في إدلب وما حولها وفي منطقة الجزيرة وإلى متى سيستمر هذا الوضع الشاذ وأي صورة يمكن أن تتمخض عنها الأيام المقبلة.. بعيداً عن الدخول في التفاصيل يمكن القول إن أي وجود عسكري لأي دولة كانت دون دعوة رسمية من الدولة السورية هو وجود احتلالي وغير شرعي ومن حق سورية الدفاع عن أمنها الوطني وسيادتها وهذا أمر تقره القوانين والمواثيق الدولية.. والحفاظ على وحدة الدولة السورية جغرافيا وبشريا أمر غير قابل للمساومة والنقاش.

 

وتابع العماد أيوب أن الدولة السورية ستعيد بسط سيطرتها على كامل جغرافيتها عاجلاً أم آجلاً سواء بالمصالحات أم بالقوة العسكرية.. وإدلب لن تكون استثناء أبدا فهي واحدة من أربع مناطق “خفض التصعيد” التي تمّ تحديدها حيث عادت المناطق الثلاث الأخرى إلى كنف الدولة السورية وهذا ما ستؤول إليه الأمور في إدلب وغيرها.

وقال العماد أيوب: الدولة السورية كما أوضح السيد الرئيس الفريق بشار الأسد تبنّت مقاربتين الأولى والرئيسة كانت المصالحة وقد نجحت وخاصة عندما تضغط المجتمعات المحلية على المسلحين وتدفعهم إلى مغادرة تلك المناطق وتمكنا عبر المصالحات من استعادة مساحات جغرافية كبيرة وعادت مؤسسات الدولة فيها إلى العمل.. والمقاربة الأخرى تتمثل بقتال الإرهابيين الذين يرفضون المصالحات لنعيد الأمن والأمان إلى ربوع سورية شبرا شبرا وكما قال سيد الوطن ليست هذه طريقتنا المفضلة لكنها الوحيدة لاستعادة السيطرة على البلاد.. وقواتنا المسلحة الباسلة جاهزة للاضطلاع بمسؤولياتها عندما يصر الإرهابيون المسلحون على عنادهم ولن تبقى أي منطقة على التراب السوري خارج سيطرة الدولة.

وأضاف: ما يتعلق بالجزيرة السورية ووجود القوات الأمريكية في التنف أو غيرها فلا شك أن قدرة الولايات المتحدة العسكرية كبيرة ومتطورة لكن إرادة الدفاع عن الوطن وروح الانتماء له والاستعداد للتضحية في سبيله أهم عوامل القوة في الجيش العربي السوري وهي قادرة على الفعل والتأثير.. وأمريكا وغيرها سيخرجون من سورية كما خرجوا من مناطق أخرى لأن هذا الوجود غير شرعي ومرفوض بغض النظر عن المسوغات التي يتم تسويقها وقد أكدت سورية ضرورة انسحاب تلك القوات ومن دون شروط فهي قوات احتلال وتشكل انتهاكا لسيادة الدولة السورية.

وتابع العماد أيوب: أما ما يتعلق بما يسمى “قسد” فمنطق الدولة والمواطنة يفرض أن يكون أبناء الوطن مع دولتهم وجيشهم بغض النظر عن “وجود رؤى سياسية” قد تتباين لكن لا يجوز أن تصل إلى حد حمل السلاح في وجه الجيش المكرس للدفاع عن أمن الوطن والمواطن وهنا لا مكان للمجاملات فأمن الوطن لا يحتمل العبث بمكوناته وخيارنا أن نعيش مع بعضنا كسوريين معا إلى الأبد ولا يستطيع أحد منعنا من تنفيذ خيارنا وفق مشيئتنا نحن السوريين لا وفق مشيئة الآخرين والجميع يدرك أننا نمتلك جميع مقومات النصر فمن أراد ذلك أهلا وسهلا ومن لم يرد فالجيش سيحرر هذه المنطقة كما حرر معظم المناطق الأخرى في سورية.

وأضاف العماد أيوب أن الورقة الوحيدة المتبقية في أيدى الأمريكيين وحلفائهم هي “قسد” وسيتم التعامل معها بالأسلوبين المعتمدين من الدولة السورية.. المصالحات الوطنية أو تحرير الأراضي التي يسيطرون عليها بالقوة.. وكما قال السيد الرئيس هذه أرضنا وهذا حقنا ومن واجبنا تحرير تلك المنطقة وعلى الأمريكيين أن يغادروا وسيغادروا.

وقال العماد أيوب: نحن في سورية نواجه “داعش” وبقية التنظيمات الإرهابية المسلحة بشكل مباشر وفوق جغرافيتنا.. ودور الأصدقاء والحلفاء كان مهما في كل ما تم تحقيقه من إنجازات ميدانية.. وثقتنا كبيرة في جميع من وقف إلى جانبنا وساعدنا ولا يزالون في مواجهة تبعات هذه الحرب وتداعياتها فالدور الروسي والإيراني كان مهما وفعالا وثقتنا بأصدقائنا تامة مبنية على أسس موضوعية تأخذ بالحسبان أهمية تكامل الأدوار في مثل هذه الحروب المزمنة والمركبة وضرورة استمرارها في مواجهة الإرهاب بكل مسمياته حتى يتم القضاء عليه لأن أخطاره تهدد الجميع دونما استثناء.

وحول الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة قال العماد أيوب: نحن نتصدى بكفاءة وحرفية عالية لجميع الاعتداءات الإسرائيلية ويتم إسقاط معظم الصواريخ المعادية سواء الصواريخ جو أرض أو جو جو.. وهذا يعني إفشال الأهداف المسندة من قبلهم .. وأكثر من مرة تم إسقاط أغلبية صواريخ العدوان الذي كان يفشل في كل مرة بتحقيق أهدافه.. وإن هذه الاعتداءات مرتبطة حصرا برفع معنويات الإرهابيين المنهارة تحت أقدام بواسل القوات المسلحة حماة الديار .. لذلك كلما اعتدت “إسرائيل” علينا أن نعرف أن هناك إرهابيين في خطر وهؤلاء الإرهابيين هم بشكل أو بآخر جزء من عصابات الكيان الصهيوني وقتالهم في الداخل سيخفف الضغط في الخارج وبالتالي مع كل خسائر يتكبدها الإرهابيون يبدأ كيان العدو بتنفيذ مثل تلك الاعتداءات لأن الإرهابيين عمليا ينفذون أجندة إسرائيلية قولا واحدا لذلك مصيرهم مرتبط بتنفيذهم لمهامهم .. فمحاربتهم بالداخل رد ورد قاس إضافة إلى ردود أخرى لا مجال لذكرها.

 

وأضاف العماد أيوب أن رد قواتنا المسلحة أذهل الجميع دون استثناء.. وللإجابة عن موضوع الرد فإنه من غير الحكمة أن تستجر إلى حرب مخططة ومدروسة من قبل عدوك وهو الذي أختار الزمان والمكان وفقا لاستراتيجيته العسكرية.. فالحكمة أن تضرب بقسوة هؤلاء الإرهابيين عملاءه في الداخل لأن خسارتهم تعني خسارة مشغليهم مع الإشارة إلى أن سورية صمدت أمام “118” من أعتى أجهزة المخابرات و”120″ فصيلا مسلحا.

ورداً على سؤال حول ما تروجه وسائل الإعلام عن العلاقة بين إيران وروسيا على الأراضي السورية قال العماد أيوب: أنصح الإعلاميين بعدم الاستماع كثيرا إلى تلك الوسائل وخاصة صفحات التواصل الاجتماعي وما تنشره مراكز الدراسات بهذا الشأن حيث يجب على الإعلام في هذه الأيام أن يكون حذرا ودقيقا جدا في هذا الموضوع فكثير من الأمنيات يتم تسويقها على أنها حقيقة لذلك أقول كوزير للدفاع ونائب للقائد العام للجيش والقوات المسلحة أن التنسيق بين أشقائنا الإيرانيين وأصدقائنا الروس على أفضل حال وأكبر دليل على ذلك النتائج التي تحققت في الميدان ولولا هذا التنسيق لما استطعنا القضاء على داعش وإنجاز ما تم إنجازه.. فهذا عبارة عن أوهام إعلامية أو أحلام عدوانية فالأمور تسير بشكل دقيق لكن هذا لا يعني أن التعاون والتكامل يعني التطابق فتعدد وجهات النظر والمقاربات يزيد الموقف عمقا وفعالية والتنسيق على قدم وساق والاجتماعات كثيرة.

ورداً على سؤال حول تحرير إدلب قال العماد أيوب: “اطمئنوا لن يبقى شبر واحد خارج سيطرة الدولة السورية وهذا ما أكده السيد الرئيس أكثر من مرة لكن متى وكيف اتركوه لنا نحن العسكريين.. فالعملية لم تبدأ لكي تتوقف”.

من جانبه أكّد اللواء باقري أن الأمن في منطقتنا هو مسألة كلية وليست جزئية وعندما واجهت دول المنطقة العمليات الإرهابية ضدها أعلنت إيران جاهزيتها لمساعدتها في حال طلبت هذه الدول منها ذلك في مواجهة الإرهاب وقال: “نحن أعلنا جاهزيتنا لذلك لأن هؤلاء الإرهابيين بعد أن يكملوا مهمتهم في سورية والعراق سيتوجهون نحو إيران”.

ولفت اللواء باقري إلى أن الدولتين السورية والعراقية طلبتا من إيران أن تقف إلى جانبهما وأن تساعد بشكل استشاري وبالدعم اللوجيستي وأنه من هذا المنطلق قدمت إيران المساعدة المطلوبة والتي كانت مثمرة ومجدية إلى أبعد حد وساهمت في استقرار الأمن في البلدين.

وقال باقري: نحن نؤكد على احترام سيادة سورية على أراضيها وعدم دخول أي دولة بصورة غير شرعية إلى الأراضي السورية.. نحن دخلنا بدعوة من الدولة السورية وسنبقى ما دامت تطلب منا ذلك.. سنبقى في سورية إلى جانبها.

وأوضح اللواء باقري أن أهداف “الاستكبار والصهيونية العالمية” واضحة للجميع حول زعزعة الأمن والاستقرار والأمان في المنطقة وقال: إن المعلومة القطعية المتواجدة لدينا وهي واضحة للجميع أن داعش والإرهاب بكل مسمياته وليد الأيادي الاستكبارية والصهيونية العالمية لزعزعة الأمن والاستقرار في دول المنطقة ولمجابهة محور المقاومة فيها خدمة لمصالح كيان الاحتلال الإسرائيلي .

ولفت اللواء باقري إلى أن اجتماعات اليوم “تؤكد وتبلور للجميع أننا مازلنا مستمرين باتحادنا في وجه الإرهاب وضد أياديه المتمثلة بداعش والمجموعات الإرهابية المسلحة ونحن في تنسيق عال وعزم كبير سنمضي قدما”.

وأشار اللواء باقري إلى أن إيران تسعى إلى مساعدة سورية على استعادة سيادتها على كامل أراضيها وتحقيق النصر الكامل على الإرهاب وإلى أنه تم التأكيد في هذا الاجتماع على سيادة الدول الثلاث على أراضيها ورفض أي وجود عسكري بصورة غير شرعية وتحت أي ذرائع لتبرير هذا الوجود في منطقة الجزيرة السورية أو إدلب أو التنف ودرسنا السبل التي يجب أن نتخذها لإعادة هذه الأراضي إلى السيادة السورية والقرار النهائي يعود إلى الدولة السورية والجيش السوري.

من جانبه لفت الفريق أول الغانمي إلى أن أمن سورية والعراق لا يتجزأ وأن التنسيق سيستمر بين البلدين من خلال مركز المعلومات الذي تم إنشاؤه والذي زود الجانبين بمعلومات قيمة تمت بلورتها على أرض الواقع واتخذت إجراءات بصدد محاربة الإرهاب وتم القضاء على أعداد كبيرة من الإرهابيين وإجهاض الكثير من اعتداءاتهم مشيرا إلى وجود تنسيق كبير مع الجيش السوري لمحاربة تنظيم “داعش” الإرهابي وخاصة بعد إعلان النصر عليه في العراق.. وتم بالتنسيق مع الحكومة والجيش في سورية تنفيذ ضربات ضد مراكز قيادة الإرهابيين وطرق امدادهم وتجمعاتهم في سورية.

 

وأشار الفريق أول الغانمي إلى أن أمن الحدود مهم جدا وهو ممسوك من قبل القوات الأمنية العراقية والجيش العربي السوري وستشهد الأيام القليلة القادمة فتح المنفذ الحدودي واستمرار الزيارات والتجارة بين البلدين وقد تم تشكيل لجان من الطرفين.

وقال الفريق أول الغانمي: “أصبح لدى القوات الأمنية العراقية والقوات الأمنية السورية الخبرة الكبيرة في مكافحة الإرهاب وأصبح لديها سجل تاريخي كبير جدا وخبرة ميدانية.. اتخذت كل الإجراءات اللازمة للحيلولة دون أن يعود هذا السرطان الذي استشرى وحاول أن ينتشر وينخر جسد كل العراق.. ولكن شاؤوا أم أبوا هم ومن يدعمهم فإن إرادة الخير انتصرت”.

وأضاف الفريق أول الغانمي “أن عجلة الإعمار وإعادة الاستقرار الأمني وعودة المهجرين والنازحين قد بدأت وولى الإرهاب فارا إلى منابعه وبقي لدينا المرحلة الأخيرة وهي اجتثاث فكر الإرهاب المتطرف.. وقطعنا خطوات حثيثة وولدنا استقرارا أمنيا كبيرا واجتثثنا الفكر الداعشي المتطرف وبدأت الحياة تعم كل مدن العراق.. وإن شاء الله سيعلن ذلك قريبا في سورية الشقيقة”.

ووصل الوفدان العسكريان الإيراني والعراقي في زيارة رسمية إلى سورية بدعوة من العماد أيوب حيث كان في استقبالهما في مبنى رئاسة الأركان العامة عدد من كبار ضباط القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة.

2019-03-19