حلب القلعة


بقلم:عبد الرحيم أحمد

على مدى خمسة أيام في مدينة حلب تبهرك إرادة الحياة لدى الحلبيين بقدر مايؤلمك مشهد الدمار الذي حل بالمدينة، قديمها وحديثها، أرضها وانسانها، ومع ذلك أنّ نظرت ترى برعماً للحياة تفتّح.. بين الأحجار العتيقة في الجامع الأموي وعلى قلعتها الشامخة أبداً، وفي أزقتها القديمة وكافيهاتها الحديثة.

محال تجارية تعجّ بالحركة والابتسامة وعبارات الترحيب على بُعدِ شارع من أكوام حجارة كانت فيما مضى بيوتاً للآمنين وأسواقاً لتجارة وصناعة اشتهرت بها حلب ووصلت أصقاع العالم، لا مكان لليأس والألم بعد اليوم طالما أسقطت حلب ورجالها ورغم الحصار المطبق مشروع اردوغان العثماني.‏

تأخذ الزائر عبر شوارعها مسيراً في كتب التاريخ، كل شيء فيها ينبي عن مدينة عظيمة، شوارعها وحجارة أبنيتها تروي ألف عام ..ألفين، ثلاثة آلاف، أربعة آلاف عام وأكثر من التاريخ والحضارة.. وربما قبل أن يخترع الإنسان التأريخ. وفي جامعتها التي رفضت أن تتوقف عن العطاء في أصعب الظروف عندما كانت تتلقى قذائف الإرهاب، تباشير المستقبل من شباب ونشاط.‏

ليس كثيراً على حلب أن تكون جلسة مجلس الوزراء الأسبوعية فيها، وأن ينعقد فيها المؤتمر الصناعي الثالث بحضور وزراء الحكومة وصناعيي سورية، فهي قلب الصناعة الذي لاينام، ويد الحكومة الممدودة إلى حلب تلاقيها ألف يد من أهلها لاستعادة ألقها المعهود ودورها المرتقب.. فحلب لاتعرف إلا ان تكون صانعة للحدث تغزله في مدينتها الصناعية وتحيكه في أحيائها القديمة مع رائحة الزعتر وصابون الغار.‏

تقديم الحكومة الدعم بكافة أشكاله لمدينة حلب وريفها خيار صحيح واستثمار في الإعمار والبناء، وسيرى العالم أجمع كم تستطيع حلب أن تفعل في عام أو أقل..‏

ومع اقتراب ذكرى تحريرها الثانية يحق لأبناء المدينة ومعهم السوريون الذين صانوها بدمائهم أن يفخروا بما انجزوا بعد النصر.. وإننا نشهد كما شهد العالم أجمع أن الجذور في حلب، كما كافة المدن السورية، لاتُقتلع ولاتموت فهي مزروعة في عمق التاريخ تستمد منه قوة وعراقة وتضيف عليه مهارة أبنائها في تطويع الحياة كما مهارتهم في صناعة الغار والنسيج والزعتر.‏

2018-11-07