إرهاصات الابتزاز الأميركي..!!

بقلم: علي قاسم

تصرّ الإدارة الأميركية على إثارة الزوابع السياسية التي تعكس في رسائل متواترة، التهافت الواضح على إشغال المشهد الإقليمي بمزيد من التعقيدات، سواء كان هناك ما يستدعي افتعاله أم جاء في إطار المحاولة المحمومة لملء الفراغ السياسي الناشئ عن تعثر الأداء الأميركي حيال ملفات المنطقة وفشل الأدوات في خوض المواجهة بالوكالة، خصوصاً حين تكون المقاربات المتصلة بالموقف الأميركي خارج سياق المحاكاة الحقيقية للواقع القائم، وبعيدة عن الرغبة في فهم نتائجه..!!‏

هذا على الأقل، ما يمكن استنتاجه من التطورات المتدحرجة تصعيداً وتسخيناً في المواقف الأميركية على ضوء الحديث عن تعيينات جديدة لمتابعة الملفات في المنطقة، مضافاً إليها آخر التصريحات عن الوجود الأميركي غير المرحب به، سواء كان في سورية أم ذلك المتصل بالبقاء في العراق، وصولاً إلى الامتدادات المتعلقة بالهوامش الأخرى المرتبطة بمساحة النفوذ الأميركي خارج مشاهد الاحتلال المباشر، أو الوجود غير الشرعي، وليس انتهاء بآخر الموبقات السعودية في تقديم الملايين الإضافية للتحالف الأميركي العدواني على الأراضي السورية من زاوية تسويق الابتزاز الأميركي الفج، رغم ما بات معروفاً عن المأزق الذي يزداد تفاقماً، والأخطاء المتراكمة من الرهان على الأميركي.‏

الأخطر ما يجري تداوله في الاوساط المقربة من الإدارة الأميركية التي تقرّ أن ما يجري لن يغير في واقع الحال، ولن يعدل في الحصيلة النهائية، ويرفقون ذلك بلائحة طويلة من القرائن الدامغة على عدم جدوى ما تقدم عليه الإدارة الاميركية باعتباره «بروباغندا» دعائية تحتمل الابتزاز الرخيص أكثر ما تحمل نيات لتغيير نمط السلوك الأميركي، مضافا إليها جملة المؤشرات المتخمة عن سوء الخيارات التي تقدم عليها إدارة ترامب، حيث التكفل السعودي بدفع تكاليف استمرار التحالف الأميركي لن يساهم بأي حال في التخفيف من حجم الأخطاء، ولن يقلل من مساحة الاستباحة المرفوضة التي يقوم بها هذا التحالف المشبوه بقدر ما سيضيف مزيداً من ملامح الفشل القائمة في أكثر من اتجاه.‏

فيما اللغة الأميركية المستخدمة في إعادة تقييم مواقفها أو تجديد شروطها واشتراطاتها ذات الصبغة الابتزازية الوضيعة، فإنها تدور في ذات الفلك الذي تتاجر من خلاله بالقضايا السياسية، حيث شهدت الفترة التي ابتعدت فيها أميركا لبعض الوقت أو انخفض مستوى تأثيرها تطورات لا يمكن إنكارها، لم يكن من السهولة تجاهلها، لأن عودتها إلى الحديث عن تعيين مبعوثين جدد والمقاربة التي حملتها الرسائل الأميركية تشي بأن المرحلة المقبلة ستحمل مزيداً من عوامل الفوضى الأميركية المدفوعة الثمن مسبقا، فيما الأدوات الأميركية، وتحديداً السعودية منها تغوص في أوحال الوهم الذي طالما تاجرت ببيعه مراراً وتكراراً.‏

يبقى المتغير الأساسي أن الاستجابة السعودية المذلة للابتزاز الأميركي وإرهاصاته المتكررة ومخاض التعثر الموازي له، جاءت في الوقت بدل من الضائع والمحاولة هنا ليست أكثر من درء الشر المستطير القادم لا محالة، أو في أحسن الاحوال تأجيل لحظة الانكسار التي طالما تحدث عنها ترامب بلغة المبارزة، وأن الأفعال السعودية التي نضبت الخيارات فيها -حتى الخاطئة منها- تجد نفسها أمام سندان الفشل الذي يلاحقها ومطرقة الابتزاز الأميركي الضاغط، في وقت لا تخفي فيه أميركا نياتها المبيتة في إثارة المزيد من الزوابع حول خطط تنتهي إلى حيث بدأت إدارة ترامب بتظهيره، وفي المقدمة تحضير المشهد الإقليمي لمزيد من المتغيرات الدراماتيكية التي تبقى فيها حصيلة الميدان كلمة السر الوحيدة المعمول بها حتى آخر إشعار يرد في محاضر الرسائل الأميركية العاجلة.

2018-08-20