الإنسان في مقياس الرياء الغربي

بقلم: عبد الرحيم أحمد

عندما يشعل اعتقال امرأة حرباً دبلوماسية بين بلدين، في حين فشلت قضية آلاف الضحايا من النساء والأطفال في تعكير صفو العلاقات بين تلك الدولتين، يحق لنا أن نسأل: من هي تلك المرأة وكيف لها أن تتفوق في تأثيرها على ما عداها من الناس!! وكيف لقضية امرأة أن تحرك دولاً، فيما حياة آلاف من النساء والأطفال لا تؤثر فيها؟.‏

السعودية تطرد السفير الكندي تلك مسألة في غاية الإدهاش.. ما حال بني سعود حتى ترغي وتزبد الجمال؟ هل ارتكبت اسرائيل جريمة هدم المسجد الأقصى وساندتها حكومة كندا في ذلك وقدمت لها المعدات والتمويل؟! هل ارتكبت حكومة أوتاوا المعصية وأساءت لرسول الإسلام؟! أسباب تتبادر للذهن فور سماع خبر السجال السعودي الكندي، لكن لن يتبادر إلى الذهن أن مجرد «تويت» صغير من وزارة الخارجية الكندية حول اعتقال «ناشطة» سعودية صاحبة جنسية أمريكية سوف تثير حفيظة حكام الرياض إلى هذه الدرجة الموتورة.‏

فالخطوط الجوية السعودية أوقفت رحلاتها المباشرة إلى تورنتو، كبرى مدن كندا، والتعاملات التجارية السعودية والاستثمارات الجديدة أوقفت مع كندا وطردت سفيرها بسبب ما وصفته «بالتدخل» في شؤون المملكة الداخلية.‏

كنا ننتظر (ولكننا لا ننتظر) من السعودية موقفاً في هذا الاتجاه من العدوان الإسرائيلي المتواصل ضد فلسطين وشعبها ومقدساتها.. كنا ننتظر من السعودية موقفاً من كندا وغيرها من دول الغرب الاستعماري بسبب تدخلاتها في الشؤون الداخلية للدول العربية لا أن تكون الرياض الجسر الذي تعبر عليه جحافل الإرهاب إلى الدول العربية دولة دولة.‏

ليس تقليلاً من قضية اعتقال الناشطة السعودية، لكن كان الأحرى بكندا المتشدقة بالدفاع عن حقوق الإنسان.. أن تحركها آلاف الضحايا التي تدك بنيران بني سعود في اليمن منذ سنوات.. الأحرى بها أن تقلق وتحتج على المجازر التي ترتكبها مملكة الرمال بحق أطفال اليمن ونسائه.. لكن هؤلاء ليسوا نشطاء وليسوا في ميزان الخارجية الكندية وزميلاتها الغربية.‏

السعودية لا تقيم وزناً للإنسان ولا لحقوقه المشروعة.. والرياض التي تقتل الإنسان بجز رأسه كما داعش والنصرة وتقطع الأوصال كما الإرهابيين لن تكترث لحرية التعبير ولا لحرية الرأي.. من يدك يومياً وعلى مدار سنوات شعب اليمن بأطفاله ونسائه وشيوخه لن يرف له جفن باعتقال امرأة أو شيخ، ومن يمول الإرهاب ويرعاه ليس فيه من الإنسانية سوى صورة الإنسان.‏

هذه هي السعودية.. وهذه هي كندا والدول الغربية.. لا تحركها المبادئ قط.‏

2018-08-08