«لصّ حلب» لم تعد تكفي

بقلم: عبد الرحيم أحمد

 

يقال إن «الطبع غلب التطبُّع»، وهذه حقيقة، فكم من منتحل صفة تكشفت حقيقته في لحظة ارتجال لا تتاح فيها الماكياجات المسبقة.. وكم من لص تستر بجلباب العتمة، فبادرته شمس الحقيقة وكشفت تاريخه اللصوصي وعرّته كما ولدته «السرقة» عارياً إلاّ من عار لصوصيته.‏

كلمة «اللص» ترتبط اليوم برأس النظام التركي أردوغان، فبمجرد لفظ الكلمة في سورية والمنطقة باللغة العربية أو غيرها من اللغات، ترتسم في خيال المتلقي صورة المذكور وصور معامل حلب محملة على قاطرات إلى تركيا.‏

مناسبة الحديث عن لصوصية أردوغان اليوم هو إعلان رئيس وزرائه بن علي يلدريم أن 30 ألف سوري سيدلون بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التركية المقررة يوم الأحد المقبل بعدما حصلوا على الجنسية التركية.!! طبعاً الرقم الفعلي قد يكون أضعافاً مضاعفة حسب حاجة صناديق الاقتراع.‏

ليس غريباً على رأس النظام التركي سرقة أصوات الناخبين الأتراك، فهذا طبعه الذي أوصله إلى الحكم على أكتاف معلمه نجم الدين أربكان، وانقلابه عليه بعد وصوله إلى السلطة مثبت ومعلوم لجميع الأتراك، لكن الغريب المفجع أن يقوم هذا اللص بسرقة أصوات ناخبين سوريين قام بتجنيسهم لهدف يخطط له منذ سنوات.. البقاء في السلطة ولو بأصوات سوريين باعوا أنفسهم!!‏

لم يكتف اردوغان بسرقة شعار الدفاع عن القضية الفلسطينية لتحقيق مكاسب انتخابية، ولا لقطات السيلفي مع أبناء السوريين الذين جنّس آباءهم، ولم تسعفه على ما يبدو شعارات «مساجدنا ثكناتنا»، فلجأ إلى أسلوب رخيص باستغلال سوريين تم تهجيرهم بترهيب من «داعش» وترغيب منه لشراء أصواتهم وذممهم في صناديق الاقتراع.‏

خطوة اللص هذه دليل ضعف فهو استشعر تراجع شعبيته وتدني مستوى التأييد له في الشارع التركي بعدما أدخل البلاد في نزاع مع معظم جيران تركيا واستجلب للبلاد الإرهاب والتكفير، فعمد إلى الخطوة المفضوحة بسرقة أصوات السوريين.‏

قد يعتقد اردوغان أن بضعة آلاف من الأصوات يمكن أن تبقيه في عرشه، لكنه لا يدرك أن هذه الأصوات المصبوغة بالجنسية التركية سوف تزول مع أول غيمة تمر في سماء البلاد، وسوف تزيله معها لأن الأتراك يراقبون ويتابعون رئيسهم الذي قد ينجح بأصوات مستعارة من خارج الحدود، لكنها قد تلفظه إلى خارج المنصب والحدود.‏

«الطبع غلب التطبع» أكيد وبعض الطباع كارثة على المستوى الشخصي وعلى المستوى الوطني أيضاً.‏

2018-06-20