مجلس الأمن وصراخ المأزومين

بقلم: عبد الرحيم أحمد


على مدى سنوات الحرب السبع ضد سورية، لم تلجأ الولايات المتحدة إلى منصة مجلس الأمن الدولي إلاّ في حالة العجز عن التصرف، منفردة أو حتى مع حلفائها المطأطئين.

فمع بداية الحرب على بلدنا كان الاستهداف الأمريكي لسورية غير ممكنٍ من دون مباركة عربية وأممية، فجرى العمل عليها بسطوة النفوذ والمال والإعلام.‏

وتم استصدار القرار تلو الآخر من الجامعة العربية وصولاً إلى مجلس الأمن والجمعية العامة، لكنها جميعها فشلت في توفير الغطاء المناسب للإدارة الأمريكية للمشاركة العلنية والمباشرة في الحرب ضد الدولة السورية، لذلك كان لا بد من إيجاد مبررات أخرى عبر ذرائع إنسانية مرة وكيميائية ثانيةً وإرهابية مرة ثالثة.‏

ورغم الانخراط الأمريكي في الحرب ضد بلدنا بشكل مباشر في حالات محدودة وفي مناطق محددة باتت معلومة للجميع من التنف إلى الرقة ودير الزور، إضافة إلى الدعم العسكري للمجموعات الإرهابية المسلحة تحت عناوين مختلفة برعت الولايات المتحدة في الترويج لها، بقي مفعول هذا التدخل أقل من أن يتمكن من الوقوف في وجه التحالف السوري الروسي الإيراني في حلب وتدمر ودير الزور، وهو اليوم عاجز عن الوقوف أمام زحف الجيش العربي السوري على مشارف محافظة إدلب.‏

فسورية لم تعد في المعركة وحدها، والروسي بات يشكل اليوم العقبة الأساس في طريق مخططات واشنطن للمنطقة، وكان لزاماً على الولايات المتحدة التي تستشعر الخسارة أن تتحرك ضد موسكو ودمشق في آن معاً.. فمؤتمر سوتشي للحوار الوطني السوري عُقد تحت مظلة دولية رغم محاولات العرقلة والتعطيل، والجيش العربي السوري يتقدم والأدوات الإرهابية تتراجع منهزمة.‏

تدرك الإدارة الأمريكية بحسها الثعلبي وهي الأفضل في التباكي على الأوضاع الإنسانية في العالم، أن إعادة استغلال ملف الكيميائي وملف الوضع الإنساني هي الأفضل لشن حملة التشويه الإعلامية ضد روسيا وسورية، ليس هذا فحسب بل إنها أمرت أدواتها في إدلب باستخدام الصواريخ المضادة للطائرات المتطورة التي زودتهم بها لاستهداف الطائرات الروسية وهذا ما حدث بالفعل.‏

دمشق العاصمة لم تخرج من دائرة الاستهداف رغم طوق الأمان الذي فرضه الجيش العربي السوري، فبعد فترة راحة من قذائف الهاون، عاودت الجماعات الإرهابية المنتشرة في الغوطة الشرقية إرسال هاونات الحقد على الأحياء الآمنة، وتصاعدت الهجمة بالتزامن مع مؤتمر سوتشي، ومع التلويح بالملف الكيميائي من واشنطن في اجتماع باريس، وفي مجلس الأمن الدولي بالأمس.‏

لكن كل هذا التصعيد الميداني والكيمياوي لا يعدو عن كونه صراخ المأزومين الذين يشعرون أن البساط يسحب من تحت أرجلهم ميدانياً وسياسياً، وعلى الرغم من أنه قد يبدو للوهلة الأولى هجوماً مضاداً، لكنه في الحقيقة استنجادٌ متأخر يعكس إقراراً بالضعف في ساحات الاشتباك الحقيقية.‏

2018-02-08