باختصار : منطقة محشوة بالازمات

وزارة الإعلام

 

زهير ماجد

المنطقة ولّادة أزمات، كلما بان خيط حل، انفجرت أزمة أو أكثر .. ونقول بالحل من باب وصف ما لا يوصف، فعالمنا لن تنتهي أزماته، تظل جمرا ولا تنطفئ، نار جاهزة للاندلاع في أي وقت.


الباحثون عن حلول، إذا كانوا استراتيجيين، يعرفون تمام المعرفة استحالة وجودها بوجود ما يسمى خطط إلهاب المنطقة، أما الطارئون على السياسة، فيسعون وراء أوهام يظنون أنها تصل إلى الحل المرتجى لهذه الأزمة أو تلك.


ولادة إسرائيل تعني معادلة لأزمات دائمة عند العرب .. من نافل القول، إن معاداة إسرائيل وأميركا ستؤدي حتما إلى صراع لن ينتهي ببساطة إلا لمصلحة الدولة العظمى والكيان، هكذا كان دائما، وإذا تم الوقوف على الحياد كما هم دعاة عدم الانحياز أو الحياد الإيجابي، فقد ثبت لاحقا أن الفكرة لا تزعج الولايات المتحدة لأنها تصب في مصلحتها في نهاية الأمر. أما إذا وقف مع، فلا يعني ضمان الاستمرار، والدليل حسني مبارك، وزين العابدين بن علي، وقبلهما شاه إيران وكثيرين من قيادات إفريقية ..


عندما اندلعت أحداث المنطقة بدءا من تونس، سقط كثيرون في التحليل، إلى أن جاءت أحداث مصر، فسقطوا أكثر حتى كانت أحداث ليبيا فوقعنا جميعا في الاشتباه، إلى أن توجهت النار باتجاه سوريا، عندها بانت حقيقة ما جرى وما سيجري، وما هو المطلوب من العالم العربي وكيف يفترض أن ترسو عليه أمور أقطاره ..

 

لم يكن الأمر بالسهل أن يجري ما جرى بشكل دوري كأنما هنالك من هندسها، بل بالفعل كان هنالك مهندس محترف، وكانت الخطط ليست ابنة البارحة، إنها موضوع قديم، لكن تفجيراته جاءت في موعد ملائم للمصلحة الأميركية والإسرائيلية: تدمير القوى الحية العربية من دول ومؤسسات وجيوش وشعوب وأنظمة، ممنوع بعدها معاداة أميركا وإسرائيل، والقصة كلها بدأت ضد حزب الله في لبنان عام 2006 لكن إفشال الحزب اللبناني للمخطط تم تأجيله إلى زمن آخر وقد تحقق آنذاك.

النار المشتعلة عندنا تتمدد أيضا لتأخذ أشكالا سياسية في بعضها، لو أن سوريا سقطت وتم الإجهاز عليها كما كان متوقعا عند البعض، لتحقق المخطط، لكن الصمود السوري، ليس فقط حمى المنطقة وأفشل تاريخا جديدا كان سيكتب لها كما قلنا، بل أدخل إلى العالم العربي ما لم يكن بالحسبان وهو الروسي الذي صارت له قواعد ثابتة لن تتغير بعشرات السنين مما يعني تبدل وتغيير ما كان مرسوما وتدار على أساسه أشكال الصراع.


الآن نحن في مرحلة ترميم المخطط، إعادة ضبط الإيقاع على أسس يتم فيها التقليل من الخسائر باختراع أشكال جديدة من الصراع، ودخول قوى بشكل واضح مثل أميركا في سوريا.


هل نصل إلى اليوم الذي يقال بأن الحروب انتهت على أسس محددة؟ .. قد نصل إلى هذا اليوم الذي تكون فيه نتائح الحروب لكل من ساهم فيها، مع أن هنالك حتما خاسرين، لكن ذلك لا يعني إغلاقا تاما للصراع الذي سيظل نارا تحت الرماد، طالما أن القوى المتصارعة ستظل حية وحتى تلك التي تعتبر خاسرة ومنكسرة.


ويمكن القول، إن وجود إسرائيل في منطقتنا سيبقي الصراع قائما وإن كان سيأخذ أشكالا جديدة في كل مرة.

 

2017-07-15