باختصار : لاسلاح كيماويا لدى سورية

وزارة الإعلام

 

 

زهير ماجد

متى كانت السياسة تقوم على النوايا وهي فن الممكن، وإذا أردنا اختصارها في عصرنا، فهي أسلوب المخفي في العلاقات بين الدول والأمم .. فهل يمكننا فهم الكلام الأميركي على ماقاله من أن سوريا تريد استعمال الأسلحة الكيماوية .. هل دخل الأميركي في عقل السوري وفي تفكيره أيضا، صار بإمكانه قراءة الأفكار قبل صدورها أو قراءة الممحي كما يقال.


وصلت الاستهانة بالعرب إلى هذه الدرجة التي أراها استفزازية قبل كل شيء .. ثمة أمر يحضر في الخفاء ضد سوريا وقد أصبح المشهد السوري في ربع ساعته الأخير من أجل تغيير هذا المشهد برمته، وما تجاوزه أوباما إبان الحديث عن إمكانية قيام أميركا بتوجيه ضربات مؤلمة إلى سوريا، تبدو من كلام ” النوايا “الأميركي الجديد، إنها عملية في منتهى الجدية لصناعة حراك أميركي جديد في المؤامرة المتكاملة على سوريا.


ماذا أبدى السوري من مواقف تنم عن عودته إلى السلاح الكيماوي، كي تتهمه الولايات المتحدة. السوريون تجاوزوا بل نسوا هذا النوع من السلاح بعدما سلموه للأمم المتحدة التي قامت بتدميره.فرغت مستودعاتهم منه تماما، ولم يبق غير كلام قديم لم يستند يومها سوى على افتراءات. فالروسي كان أول من أصر على أن الإرهابيين هم من نفذوا القصف بالسلاح الكيماوي .. بل أصر الروسي على موقفه وكلامه الذي لم يكن اعتقادا بل جزما، وهكذا انطوت صفحة مؤلمة من تاريخ الموت السوري لعب فيها الإرهابيون ورقة رابحة بإيعاز خارجي أراد يومها توريط سوريا وأخذها إلى مجهول، بل إلى سيناريو أميركي شبيه بذاك الذي حدث ضد صربيا وميلوسوفيتش تحديدا.


صحيح أن مسألة السلاح وأشكاله ومتوفراته من أسرار الدولة، أية دولة في العالم، أكانت صغيرة أو كبيرة، إلا أن المنطق يقول بأن السوري الذي لديه كل أنواع السلاح الذي جرى استعماله وربما ذاك الذي لم يستعمل، لايمكن له لأكثر من سبب، أن يعود الى السلاح الكيماوي لأنه ليس بحاجة له وهو يحقق مبتغاه في انتصارات متلاحقة بما يملك من سلاح، وبما سيستعمل منه حتى الآن .. بل هو توصل إلى معادلة دقيقة بعد تجربة الميادين والحروب التي خاضها إلى ماهي حاجته من السلاح وأي نوع وما هو الكم، فتراه يدأب على استعمالات محددة لأسلحة محددة.

ماالذي يريده الأميركي من خلال إعلانه المفاجيء ذاك وفي هذه الظروف بالذات سوى الدخول على مسرح الأحداث من باب الحرب المباشرة ، وهو الذي يخوضها عبر قوى مختلفة أبرزها قوات سوريا الديمقراطية .. بل انه يريد الاستئساد بالساحة السورية لتغيير معالم المرحلة ولتسجيل تدخل أقوى يهدف إلى تغيير في مستوى الصراع ، والعودة به إلى شرط تكون فيه مفتاحا لأي حل منتظر .


يعرف الأميركي أن السوري على علم بأن لاحل في سوريا إلا من خلال توافق روسي أميركي .. وأن هذه النتيجة ليست طارئة على تفكيره واجتهاده، بل هي من صميم قراءته منذ ماقبل الحرب على سوريا واثنائها وإلى مابعدها. فهذه الحرب سوف تنتهي يوما ، لكنها ستؤدي إلى سوريا مختلفة، تماما كما هي المنطقة العربية التي تعيش على وقع يوميات لأنها لم تعد تملك عقل الثوابت.


هنالك عودة أميركية لملف لم يغلق، في السياسة تبقى الأوراق مفتوحة حتى لو أغلق في الميدان، وخصوصا عندما تكون المسألة تمس قطرا عربيا كسوريا.

2017-06-28